بمقاصدهم التي حملتهم على طلب المائدة فقالوا نريد أن نأكل منها فنشرف في العالم وتطمئن قلوبنا أي تسكن فكرنا في أمرك بالمعاينة لأمر نازل من السماء بأعيننا ونعلم علم الضرورة والمشاهدة أن قد صدقتنا فلا تعرضنا الشبه التي تعرض في علم الاستدلال وهذا يؤيد أن مقالتهم كانت في مبدأ أمرهم ثم استمروا على إيمانهم وصبروا وهلك من كفر وقولهم ونكون عليها من الشاهدين أي من الشاهدين بهذه النازلة الناقلين لها إلى غيرنا الداعين إلى هذا الشرع بسببها وروي أن الذي نحا بهم هذا المنحى من الاقتراح هو أن عيسى قال لهم مرة هل لكم في صيام ثلاثين يوما لله سبحانه ثم إن سألتموه حاجة قضاها فلما صاموها قالوا يا معلم الخير أن حق من عمل عملا أن يطعم فهل يستطيع ربك فأرادوا أن تكون المائدة عيد ذلك الصوم وقوله سبحانه قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا انزل علينا مائدة من السماء الآية أي أجابهم عيسى عليه السلام إلى ما سألوا فيروى أنه لبس جبة شعر ورداء شعر وقام يصلي ويبكي والعيد المجتمع وقوله لأولنا وآخرنا روي عن ابن عباس أن المعنى يكون مجتمعا لجميعنا أولنا وآخرنا قال فأكل من المائدة حين وضعت أول الناس كما أكل آخرهم وآية منك أي وعلامة على صدقي فأجاب الله تعالى دعوة عيسى عليه السلام وقال إني منزلها عليكم ثم شرط عليهم سبحانه شرطه المتعارف في الأمم أنه من كفر بعد آية الاقتراح عذب اشد عذاب والجمهور أن المائدة نزلت كما أخبر الله سبحانه واختلفوا في كيفية ذلك فقال أبو عبد الرحمن السلمي نزلت المائدة خبزا وسمكا وقال عطية المائدة سمكة فيها طعم كل طعام وقال ابن عباس نزل خوان عليه خبز وسمك يأكلون منه اين ما نزلوا إذا شاءوا وقال عمار بن ياسر سألوا عيسى مائدة يكون عليها طعام لا ينفد فقيل لهم إنها مقيمة لكم ما لم تخبؤا أو تخونوا فإن فعلتم عذبتم قال