بناء مبالغة أي يتكرر أكلهم ويكثر والسحت كل ما لا يحل كسبه من المال وقوله تعالى فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم تخيير للنبي صلى الله عليه وسلّم ولحكام أمته بعده وقال ابن عباس وغيره هذا التخيير منسوخ بقوله سبحانه وإن أحكم بينهم بما أنزل الله وقال كثير من العلماء هي محكمة وهذا هو الأظهر إن شاء الله وفقه هذه الآية أن الأمة مجمعة فيما علمت على أن حاكم المسلمين يحكم بين أهل الذمة في تظالمهم وأما نوازل الأحكام التي لا تظالم فيها فالحاكم مخير وإذا رضي به الخصمان فلا بد من رضي أساقفتهم أو أحبارهم قاله ابن القاسم في العتبية قلت وعبارة الداودي قال مالك ولا يحكم بينهم إذا اختار الحكم إلا في المظالم فيحكم بينهم بما أنزل الله ولا يحكم فيهم في الزنا إلا أن يعلنوه فيعاقبون بسبب إعلانه ثم يردون إلى أساقفتهم قال مالك وإنما رجم النبي صلى الله عليه وسلّم اليهوديين قبل أن تكون لهم ذمة انتهى وقال ابن العربي في أحكامه إنما أنفذ النبي صلى الله عليه وسلّم الحكم بينهم ليحقق تحريفهم وتبديلهم وكذبهم وكتمهم ما في التوراة ومنه صفته صلى الله عليه وسلّم فيها والرجم على زناتهم وعنه أخبر الله تعالى بقوله يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير فيكون ذلك من آياته الباهرة وحججه البينة وبراهينه القاطعة الدامغة للأمة المخزية اليهودية انتهى وقوله تعالى وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا أمن الله سبحانه نبيه من ضررهم إذا أعرض عنهم وحقر في ذلك شأنهم وإن حكمت أي اخترت الحكم في نازلة ما فأحكم بينهم بالقسط أي بالعدل ثم قال سبحانه وكيف يحكمونك المعنى وكيف يحكمونك بنية صادقة وهم قد خالفوا حكم التوراة التي يصدقون بها وتولوا عن حكم الله فيها فأنت الذي لا يؤمنون بك أحرى بأن يخالفوا