من هذه المذمة وقوله سبحانه لا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا الآية ذهب جماعة إلى أن الآية في المنافقين وقالت جماعة كبيرة إنما نزلت في أهل الكتاب أحبار اليهود قال سعيد بن جبير الآية في الهيود فرحوا بما أعطى الله آل إبراهيم من النبوءة والكتاب فهم يقولون نحن على طريقهم ويحبون أن يحمدوا بذلك وهم ليسوا على طريقهم وقراءة سعيد بن جبير بما أوتوا بمعنى أعطوا بضم الهمزة والطاء وعلى قراءته يستقيم المعنى الذي قال والمفازة مفعلة من فاز يفوز إذا نجا وباقي الآية بين ثم دل سبحانه على مواضع النظر والعبرة فقال إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار أي تعاقب الليل والنهار إذ جعلهما سبحانه خلفة ويدخل تحت اختلافهما قصر أحدهما وطول الآخر وبالعكس واختلافهما بالنور والظلام والآيات العلامات الدالة على وحدانيته وعظيم قدرته سبحانه قال الفخر وأعلم أن المقصود من هذا الكتاب الكريم جذب القلوب والأرواح عن الإشتغال بالخلق والإستغراق في معرفة الحق فلما طال الكلام في تقرير الأحكام والجواب عن شبهات المبطلين عاد إلى إثارة القلوب بذكر ما يدل على التوحيد والكبرياء والجلال وذكر الأدعية فختم بهذه الآيات بنحو ما فى سورة البقرة انتهى وقوله سبحانه الذين يذكرون الله قياما وقعودا الذين في موضع خفض صفة لأولى الألباب وهذا وصف ظاهره استعمال التحميد والتهليل والتكبير ونحوه من ذكر الله وأن يحضر القلب اللسان وذلك من أعظم وجوه العبادات والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة وابن آدم متنقل في هذه الثلاث الهيئات لا يخلو في غالب أمره منها فكأنها تحصر زمنه وكذلك جرت عائشة Bها إلى حصر الزمن في قولها كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يذكر الله على كل أحيانه قلت خرجه أبو داود فدخل في