فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلّم أن العبد إذا أذنب ذنبا نكتت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه وإن زاد زادت حتى تغلق قلبه فذلك البران الذي قال الله تعالى كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون انتهى والغشاوة الغطاء المغشي الساتر وقوله تعالى ولهم عذاب عظيم معناه لمخالفتك يا محمد وكفرهم بالله وعظيم معناه بالإضافة إلى عذاب دونه وقوله تعالى ومن الناس من يقول آمنا بالله إلى وما يشعرون هذه الآية نزلت في المنافقين وسمى الله تعالى يوم القيامة اليوم الآخر لأنه لا ليل بعده ولا يقال يوم إلا لما تقدمه ليل واختلف المتأولون في قوله يخادعون الله فقال الحسن بن أبي الحسن المعنى يخادعون رسول الله فأضاف الأمر إلى الله تجوزا لتعلق رسوله به ومخادعتهم هي تحيلهم في أن يفشي رسول الله صلى الله عليه وسلّم والمؤمنون إليهم أسرارهم ع تقول خادعت الرجل بمعنى أعملت التحيل عليه فخدعته بمعنى تمت عليه الحيلة ونفذ فيه المراد وقال جماعة بل يخادعون الله والمؤمنين باظهارهم من الإيمان خلاف ما ابطنوا من الكفر وإنما خدعوا أنفسهم لحصولهم في العذاب وما يشعرون بذلك معناه وما يعلمون علم تفطن وتهد وهي لفظة مأخوذة من الشعار كأن الشيء المتفطن له شعار للنفس وقولهم ليت شعري معناه ليت فطنتي تدرك واختلف ما الذي نفى الله عنهم أن يشعروا له فقالت طائفة وما يشعرون أن ضرر تلك المخادعة راجع عليهم لخلودهم في النار وقال آخرون وما يشعرون أن الله يكشف لك سرهم ومخادعتهم في قولهم آمنا قوله تعالى في قلوبهم مرض أي في عقائدهم فساد وهم المنافقون وذلك إما أن يكون شكا وإما جحدا بسبب حسدهم مع علمهم بصحة ما يجحدون وقال قوم المرض غمهم