يعارض الطب لأن علم الطب كان شرف الناس في ذلك الزمان وشغلهم وحينئذ أثيرت فيه العجائب فلما جاء عيسى عليه السلام بغرائب لا تقتضيها الأمزجة وأصول الطب وذلك إحياء الموتى وإبراء الاكمه والأبرص علمت الأطباء أن هذه القوة من عند الله وهذا كأمر السحرة مع موسى والفصحاء مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلّم ووقع في التواريخ المترجمة عن الأطباء أن جالينوس كان في زمن عيسى عليه السلام وأنه رحل إليه من رومية إلى الشام فمات في طريقه ذلك وقوله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم الآية قال مجاهد وغيره كان عيسى عليه السلام من لدن طفولته وهو في الكتاب يخبر الصبيان بما يفعل آباؤهم في منازلهم وبما يؤكل من الطعام ويدخر وكذلك إلى أن بنىء فكان يقول لكل من سأله عن هذا المعنى أكلت البارحة كذا وادخرت كذا وقال قتادة معنى الآية إنما هو في نزول المائدة عليهم وذلك أنها لما نزلت أخذ عليهم عهد أن يأكلوا ولا يخبأ أحد شيأ ولا يدخره ولا يحمله إلى بيته فخانوا وجعلوا يخبئون فكان عيسى عليه السلام يخبر كل أحد عما أكل وعما ادخر في بيته من ذلك وعوقبوا على ذلك وقوله فاتقوا الله وأطيعون تحذير ودعاء إلى الله D وقوله هذا صراط مستقيم إشارة إلى قوله إن الله ربي وربكم فاعبدوه لأن ألفاظه جمعت الإيمان والطاعات والصراط الطريق والمستقيم الذي لا اعوجاج فيه وقوله تعالى فلما احس عيسى منهم الكفر الآية قبل هذه الآية محذوف به يتم اتساق الآيات تقديره فجاء عيسى كما بشر الله به فقال جميع ما ذكر لنبي إسرائيل فلما أحس ومعنى أحس علم من جهة الحواس بما سمع من أقوالهم في تكذيبه ورأى من قرائن أحوالهم وشدة عداوتهم وإعراضهم قال من أنصاري إلى الله وقوله إلى الله يحتمل معنيين أحدهما من ينصرني في السبيل إلى الله