عرب الحجاز من لغة اليمن كالعرم والفتاح فأما ما انفردوا به كالزخيخ والقلوب فليس في كتاب الله منه شيء وأما ما وإلى العراق من جزيرة العرب وهي بلاد ربيعة وشرقي الجزيرة فأفسدت لغتها مخالطة الفرس والنبط ونصارى الحيرة وغير ذلك وأما الذي يلي الشام وهو شمالي الجزيرة وهي بلاد ءال جفنة وغيرهم فأفسدها مخالطة الروم وكثير من بني اسرائل وأما غربي الجزيرة فهي جبال تسكن بعضها هذيل وغيرهم وأكثرها غير معمور فبقيت القبائل المذكورة سليمة اللغات لم تكدر صفو كلامها أمة من العجم ويقوى هذا المنزع أنه لما أتسع نطاق الإسلام وداخلت الأمم العرب وتجرد أهل المصرين البصرة والكوفة لحفظ لسان العرب وكتب لغتها لم يأخذوا إلا من هذه القبائل الوسيطة المذكورة ومن كان معها وتجنبوا اليمن والعراق والشام فلم يكتب عنهم حرف واحد وكذلك تجنبوا حواضر الحجاز مكة والمدينة والطائف لأن السبي والتجار من الأمم كثروا فيها فأفسدوا اللغة وكانت هذه الحواضر في مدة النبي صلى الله عليه وسلّم سليمة لقلة المخالطة فمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلّم أنزل القرآن على سبعة أحرف أي فيه عبارات سبع قبائل بلغة جملتها نزل القرآن فيعبر عن المعنى فيه مرة بعبارة قريش ومرة بعبارة هذيل ومرة بغير ذلك بحسب الأفصح والأوجز في اللفظة الا ترى أن فطر معناها عند غير قريش ابتداء خلق الشيء وعمله فجاءت في القرآن فلم تتجه لابن عباس حتى اختصم إليه أعرابيان في بئر فقال أحدهما أنا فطرتها قال ابن عباس ففهمت حينئذ موقع قوله سبحانه فاطر السماوات والأرض وقال أيضا ما كنت أدري معنى قوله تعالى ربنا افتح بيننا وبين قومنا حتى سمعت بنت ذي جدن تقول لزوجها تعال افاتحك أي أحاكمك وكذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله