قيل أراد بذلك الإشفاق والنصح لهم أي لو علموا ذلك لآمنوا بالله تعالى وقيل أراد أن يعلموا ذلك فيندموا على فعلهم به ويخزيهم ذلك وهذا موجود في جبلة البشر إذا نال الشخص عزا وخيرا في أرض غربة ودان يعلم ذلك جيرانه وأترابه الذين نشأ فيهم كما قيل ... العز مطلوب وملتمس ... وأحبه ما نيل في الوطن .
قال ع والتأويل الأول أشبه بهذا العبد الصالح وفي ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلّم نصح قومه حيا وميتا وقال قتادة نصحهم على حالة الغضب والرضا وكذلك لا تجد المؤمن إلا ناصحا للناس وقوله تعالى وما أنزلنا على قومه من بعده من جند الآية مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلّم فيها توعد لقريش وتحذير أن ينزل بهم من العذاب ما نزل بقوم حبيب النجار قال مجاهد لم ينزل الله عليهم من جند أراد أنه لم يرسل إليهم رسولا ولا استعتبهم قال قتادة والله ما عاتب الله قومه بعد قتله حتى أهلكهم وقال ابن مسعود أراد لم يحتج في تعذيبهم إلى جند بل كانت صيحة واحدة لأنهم كانوا أيسر وأهون من ذلك واختلف في قوله تعالى وما كنا منزلين فقالت فرقة ما نافية وقالت فرقة ما عطف على جند أي من جند ومن الذي كنا منزلين على الأمم مثلهم قبل ذلك وخامدون أي ساكنون موتى وقوله تعالى يا حسرة الحسرة التلهف وذلك أن طباع كل بشر توجب عند سماع حالهم وعذابهم على الكفر وتضييعهم أمر الله أن يشفق ويتحسر على العباد وقال الثعلبي قال الضحاك إنها حسرة الملائكة على العباد في تكذيبهم الرسل وقال ابن عباس حلوا محل من يتحسر عليه انتهى وقرأ الأعرج وأبو الزناد ومسلم بن جندب يا حسرة بالوقف على الهاء وهو أبلغ في معنى التحسر والتشفيق وهز النفس وقوله تعالى ما يأتيهم من رسول الآية تمثيل لفعل قريش وإياهم عني بقوله ألم يروا كم أهلكنا