الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات باذن الله فانظر كيف اثبت لهم الاصطفاء مع وجود ظلمهم واعلم انه لا بد فى مملكته من عباد هم نصيب الحلم ظهور الرحمة والمغفرة ووقوع الشفاعة انتهى والذين اصطفينا يريد بهم امة محمد صلى الله عليه وسلّم قاله ابن عباس وغيره واصطفينا معناه اخترنا وفضلنا والعباد عام فى جميع العالم واختلف فى عود الضمير من قوله فمنهم فقال ابن عباس وغيره ما مقتضاه ان الضمير عائد على الذين اصطفينا وان الاصناف الثلاثة هى كلها فى امة نبينا محمد صلى الله عليه وسلّم فالظالم لنفسه العاصى المسرف والمقتصد متقى الكبائر وهم جمهور الامة والسابق المتقى على الاطلاق وقالت هذه الفرقة الاصناف الثلاثة فى الجنة وقاله ابو سعيد الخدرى والضمير فى يدخلونها عائد على الاصناف الثلاثة قالت عائشة وكعب دخلوها كلهم ورب الكعبة وقال ابو اسحاق السبيعي اما الذى سمعت منذ ستين سنة فكلهم ناج وقال ابن مسعود هذه الأمة يوم القيامة اثلاث ثلث يدخلون الجنة بغير حساب وثلث يحاسبون حسابا يسيرا ثم يدخلون الجنة وثلث يجيئون بذنوب عظام فيقول الله D ما هؤلاء وهو اعلم بهم فتقول الملائكة هم مذنبون الا انهم لم يشركوا فيقول D ادخلوهم فى سعة رحمتى وروى اسامة بن زيد ان النبى صلى الله عليه وسلّم قرأ هذه الاية وقال كلهم فى الجنة وقرأ عمر هذه الاية ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له وقال عكرمة والحسن وقتادة ما مقتضاه ان الضمير فى منهم عائد على العباد فالظالم لنفسه الكافر والمقتصد المؤمن العاصى والسابق التقى على الاطلاق وقالوا هذه الاية نظير قوله تعالى وكنتم ازواجا ثلاثة الاية والضمير فى يدخلونها على هذا التأويل خاص بالمقتصد والسابق وباقي الاية بين والحزن فى هذه الاية عام فى جميع انواع الاحزان