الحجر الأسود لما صليت الجمعة يوم النفر الأول ولم يكن رجع الناس بعد من منى قام رجل ممن ورد من ناحية مصر بإحدى يديه سيف مسلول وبالأخرى دبوس بعدما قضى الإمام الصلاة فقصد ذلك الحجر ليستلمه على الرسم فضرب وجه الحجر ثلاث ضربات متوالية بالدبوس وقال إلى متى يعبد الحجر ولا محمد ولا علي يمنعني عما افعله فإنني أهدم هذا البيت وأرفعه فاتقى اكثر الحاضرين وتراجعوا عنه وكاد يفلت وكان رجلا تام القامة أحمر اللون أشقر الشعر سمين الجسم وكان على باب المسجد عشرة من الفرسان على أن ينصروه فاحتسب رجل من أهل اليمن أو من أهل مكة أو من غيرها فوجأه بخنجره واحتوشه الناس فقتلوه وقطعوه وأحرقوه بالنار وقتل ممن اتهم بمصاحبته ومعاونته على ذلك المنكر جماعة وأحرقوا بالنار وثارت الفتنة وكان الظاهر من القتلى أكثر من عشرين غير ما اختفى منهم وألحوا في ذلك اليوم على المغاربة والمصريين بالنهب والسلب وعلى غيرهم في طريق منى إلى البلد .
وفي يوم النفر الثاني اضطرب الناس وماجوا وقالوا إنه قد أخذ في أصحاب الخبيث لعنه الله أربعة أنفس اعترفوا بأنهم مائة بايعوا على ذلك وضربت أعناق هؤلاء الأربعة وتقشر بعض وجه الحجر في وسطه من تلك الضربات وتخشن وزعم بعض الحاج أنه سقط من الحجر ثلاث قطع واحدة فوق أخرى فكأنه يثقب ثلاث ثقب ما يدخل الأنملة في كل ثقبة وتساقطت منه شظايا مثل الأظفار وطارت منه شقوق يمينا وشمالا وخرج مكسره أحمر يضرب إلى الصفرة محببا مثل الخشخاش فأقام الحجر على ذلك يومين ثم إن بني شيبة جمعوا ما وجدوه مما سقط منه وعجنوه بالمسك وحشوا تلك المواضع وطلوها بطلاء من ذلك فهو بين لمن تأمله