فان قيل ما الفائدة في سؤال الله تعالى له وما تلك بيمينك وهو يعلم فعنه جوابان .
أحدهما أن لفظه لفظ الاستفهام ومجراه مجرى السؤال ليجيب المخاطب بالإقرار به فتثبت عليه الحجة باعترافه فلا يمكنه الجحد ومثله في الكلام أن تقول لمن تخاطبه وعندك ماء ما هذا فيقول ماء فتضع عليه شيئا من الصبغ فان قال لم يزل هكذا قلت له ألست قد اعترفت بأنه ماء فتثبت عليه الحجة هذا قول الزجاج فعلى هذا تكون الفائدة أنه قرر موسى أنها عصا لما أراد أن يريه من قدرته في انقلابها حية فوقع المعجز بها بعد التثبت في أمرها .
والثاني أنه لما أطلع الله تعالى على ما في قلب موسى من الهيبة والإجلال حين التكليم أراد أن يؤانسه ويخفف عنه ثقل ما كان فيه من الخوف فأجرى هذا الكلام للاستئناس حكاه ابو سليمان الدمشقي .
فان قيل قد كان يكفي في الجواب أن يقول هي عصاي فما الفائدة في قوله أتوكأ عليها إلى آخر الكلام وإنما يشرح هذا لمن لا يعلم فوائدها فعنه ثلاثة أجوبة .
أحدها أنه أجاب بقوله هي عصاي فقيل له ما تصنع بها فذكر باقي الكلام جوابا عن سؤال ثان قاله ابن عباس ووهب .
والثاني أنه انما أظهر فوائدها وبين حاجته اليها خوفا من أن يأمره بالقائها كالنعلين قاله سعيد بن جبير .
والثالث أنه بين منافعها لئلا يكون عابثا بحملها قاله الماوردي .
فان قيل فلم اقتصر على ذكر بعض منافعها ولم يطل الشرح فعنه ثلاثة أجوبة