وعد عقوبة المرة الاخرة من افسادكم بعثناهم ليسوؤوا وجوهكم وهذا الفساد الثاني هو قتلهم يحيى بن زكريا وقصدهم قتل عيسى فرفع وسلط الله عليهم ملوك فارس والروم فقتلوهم وسبوهم فذلك قوله ليسوؤوا وجوهكم قرأ ابن كثير ونافع وابو عمرو وحفص عن عاصم ليسوؤوا بالياء على الجميع والهمز بين الواوين والإشارة الى المبعوثين وقرأ ابن عامر وحمزة وابو بكر عن عاصم ليسوء وجوهكم على التوحيد قال ابو علي فيه وجهان احدهما ليسوء الله D والثاني ليسوء البعث وقرأ الكسائي لنسوء بالنون وذلك راجع الى الله تعالى .
وفيمن بعث عليهم في المرة الثانية قولان .
أحدهما بختنصر قاله مجاهد وقتادة وكثير من الرواة يأبى هذا القول يقولون كان بين تخريب بختنصر بيت المقدس وبين مولد يحيى بن زكريا زمان طويل .
والثاني انطياخوس الرومي قاله مقاتل ومعنى ليسوؤوا وجوهكم أي ليدخلوا عليكم الحزن بما يفعلون من قتلكم وسبيكم وخصت المساءاة بالوجوه والمراد اصحاب الوجوه لما يبدو عليها من اثر الحزن والكآبة .
قوله تعالى وليدخلوا المسجد يعني بيت المقدس كما دخلوه في المرة الأولى وليتبروا أي ليدمروا ويخربوا قال الزجاج يقال لكل شيء ينكسر من الزجاج والحديد والذهب تبر ومعنى ما علوا أي ليدمروا في حال علوهم عليكم .
قوله تعالى عسى ربكم ان يرحمكم هذا مما وعدوا به في التوراة وعسى من الله واجبة فرحمهم الله بعد انتقامه منهم وعمر بلادهم واعاد نعمهم