الإصرار إلا عزم القلب فقد فرق بين حديث النفس وعزم القلب وسئل سفيان الثوري أيؤاخذ العبد بالهمة فقال إذا كانت عزما ويؤيده الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يقول الله تعالى إذا هم عبدي بسيئة ولم يعملها لم أكتبها عليه فإن عملها كتبتها عليه سيئة واحتج القاضي أبو يعلى على أن همته لم تكن من جهة العزيمة وإنما كانت من جهة دواعي الشهوة بقوله قال معاذ الله إنه ربي وقوله كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء وكل ذلك إخبار ببراءة ساحتة من العزيمة على المعصية .
فإن قيل فقد سوى القرآن بين الهمتين فلم فرقتم .
فالجواب أن الاستواء وقع في بداية الهمة ثم ترقت همتها إلى العزيمة بدليل مراودتها واستلقائها بين يديه ولم تتعد همته مقامها بل نزلت عن رتبتها وانحل معقودها بدليل هربه منها وقوله معاذ الله وعلى هذا تكون همته مجرد خاطر لم يخرج إلى العزم ولا يصح ما يروى عن المفسرين أنه حل السراويل وقعد منها مقعد الرجل فإنه لو كان هذا دل على العزم والأنبياء معصومون من العزم على الزنا .
والقول الثاني أنها همت به أن يفترشها وهم بها أي تمناها أن تكون له زوجة رواه الضحاك عن ابن عباس .
والقول الثالث أن في الكلام تقديما وتأخيرا تقديره ولقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها فلما رأى البرهان لم يقع منه الهم فقدم جواب لولا عليها كما يقال قد كنت من الهالكين لولا أن فلانا خلصك لكنت من الهالكين ومنه قول الشاعر