تركتموهم أرجعوا فأستأصلوا فقذف الله تعالى في قلوبهم الرعب فأنهزموا فلقوا أعرابيا فجعلوا له جعلا فقالوا له إن لقيت محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه فأخبرهم بما قد جمعنا لهم فأخبر الله تعالى رسوله فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد فأنزل الله تعالى في ذلك هذه الآية يذكر فيها أمر أبي سفيان وأصحابه وقيل : إن الآية نزلت في يوم الأحزاب وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال : نصرت بالرعب عل ىالعدو وأخرج أحمد وغيره من حديث أبي أمامة نصرت بالرعب مسيرة شهر يقذف في قلوب أعدائي وقريء سيلقي بالياء وقرأ أبو جعفر وإبن عامر والكسائي الرعب بضم العين وهي لغة فيه وقيل : الضم هو الأصل والسكون للتخفيف وقيل : الأصل السكون والضم للإتباع .
بماأشركوا بالله أي بسبب إشراكهم بالذات الواجب الوجود المستجمع لجميع صفات الكمال ولإشعار هذا الأسم بالعظمة المنافية للشركة أتى به والجار الأول متعلق ب سنلقي دون الرعب ولا يمنع من ذلك تعلق في به لإختلاف المعنى والثاني متعلق بما عنده وكان الإشراك سببا لإلقاء الرعب لأنه من موجبات خذلانهم ونصر المؤمنين عليهم وكلاهما من دواعي الرعب ما لم ينزل به أي بإشراكه وقيل : بعبادته و ما نكرة موصوفة أو موصولة أسمية وليست مصدرية سلطانا أي حجة والإتيان بها للإشارة بأن المتبع في باب التوحيد هو البرهان السماوي دون الآراء والأهواء الباطلة وسميت بذلك لأنه بها يتقوى على الخصم ويتسلط عليه والنون زائدة وقيل : أصلية وذكر عدم إنزال الحجة مع إستحالة تحققها من باب إنتفاء المقيد لإنتفاء قيده اللازم أي لا حجة حتى ينزلها فهو على حد قوله في وصف مفازة : لا يفزع الأرنب أهوالها ولا ترى الضب بها ينجحر إذ المراد لا ضب بها حتى ينجحر فالمراد نفيهما جميعا وهذا كقولهم : السالبة لا تقتضي وجود الموضوع وما ذكرنا من إستحالة تحقق الحجة على الإشراك يكاد يكون معلوما من الدين بالضرورة أما في الإشراك بالربوبية فظاهر إذ كيف يأمر الله سبحانه بإعتقاد أن خالق العالم إثنان مشتركان في وجوب الوجود والإتصاف بكل كمال وأما الإشراك في الألوهية الذي عليه أكثر المشركين في عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فلأنه يفضي إلى الأمر بإعتقاد أشياء خلاف الواقع مما كان المشركون يعتقدونه في أصنامهم وقد رده عليهم فقول عصام الملة : ونحن نقول الحجة على الإشراك تحت قدرته تعالى لو شاء أنزلها إذ لو أمر بإشراك الأصنام به في العبادة لوجبت العبادة لا أراه إلا حلا لعصام الدين لا إله إلا الله المخاطب بها الثنوية والوثنية تأبى إمكان ذلك كما لا يخفى على من أطلع على معنى هذه الكلمة الطيبة رزقنا الله تعالى الموت عليها ولا جعلنا ممن أشركوا بالله تعالى ما لم ينزل به سلطانا ومأواهم أي ما يأوون إليه في الآخرة النار لا مأوى لهم غيرها .
وبئس مثوى الظالمين 151 أي مثواهم وإنما وضع الظاهر موضع الضمير للتغليظ والتعليل والإشعار بأنهم في إشراكهم ظالمون واضعون للشيء في غير موضعه والمثوى مكان الإقامة على وزن مفعل من ثويت ولامه ياؤا المخصوص بالذم محذوف أي بئس مثواهم النار ولم يعبر بالمأوى للإيذان بالخلود إذ الإقامة مأخوذة في المثوى دونه ولقد صدقكم الله وعده أخرج الواحدي عن محمد بن كعب قال : لما رجع رسول الله