وقد أعترضوا على كل من تعليلي إبن هشام والبعض أما الإعتراض على الأول فبأن كونه لا يوصف لا يقتضي تنزيله منزلة الضمير فكم أسم لا يوصف بل ولا يوصف به وليس بتلك المنزلة وأجيب بأنه جاز أن يكون في ذلك الإسم مانع من جعله بمنزلة الضمير لأن عدم المانع ليس جزءا من المقتضى ولا شرطا في وجوده وأما الإعتراض على الثاني فبأنه غير مسلم لأنه قد ينكر كما في وما كان هذا القرآن أن يفترى أي إفتراءا قاله الشهاب .
وأجيب بأن مراد من قال : إن المصدر المؤل لا ينكر أنه في مثل هذا الموضع لا ينكر لا أن الحرف المصدري لا يؤل بمصدر منكر أصلا ويستأنس لذلك بتقييد المصدر بالمعرف في عبارة المغنى حيث يفهم منها أن أن وإنتارة يقدران بمصدر معرف وتارة بمصدر منكر وأنهما إذا قدرا بمصدر معرف كان له حكم الضمير ومن هنا قال صاحب المطلع في معنى ذلك التعليل : إن قول المؤمنين إن أختزل عن الإضافة يبقى منكرا بخلاف أن قالوا بقى في كلام المغنى أمور الأول أن التقييد بأن وإنهل هو إتفاق أم إحترازي الذي ذهب إليه بعض المحققين الأول إحتجاجا بأنه أطلق في الجهة السادسة من الباب الخامس أن الحرف المصدري وصلته في نحو ذلك معرفة فلا يقع صفة للنكرة ولم يخصبأن وإنوللذاهب إلى الثاني أن يقول فرق بين مطلق التعريف وكونه في حكم الضمير كما لا يخفى وإبن هشام قد أخذ المطلق في المطلق وقيد المقيد بالمقيد فلا بأس بإبقاء كلا العبارتين على ما يتراءى منهما الثاني أنه يفهم من ظاهره أن الأداتين لو قدرتا بمصدر منكر لا يكون في حكم الضمير وظاهر هذا أنه يجوز الوصف حينئذ وفيه تردد لأنه قد يقال : لا يلزم من عدم ثبوت مرتبة الضمير لذلك جواز الوصف لأن إمتناع الوصف أعم من مرتبة الضمير ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم .
الثالث أنه يفم من كلامه أن المصدر المقدر المعرف بالإضافة سواء أضيف إلى ضمير أو غيره بمثابة الضمير ولم يصرح أحد من الأئمة بذلك لكن حيث أن إبن هشام ثقة وإمام في الفن ولم ينقل عن أئمته ما يخالفه يقبل منه ما يقول الرابع أن ما حكم به من أن الرفع ضعيف كضعف الأخبار بالضمير عما دونه في التعريف بينه وبين ما ذهب إليه إبن مالك من جواز الإخبار بالمعرفة عن النكرة المحضة في باب النواسخ بون عظيم ويؤيد كلام إبن مالك قوله تعالى فإن حسبك الله وكأنه لتحقيق هذا المقام ولما أشرنا إليه أولا في تحقيق معنى الآية قال المولى قدس سره : فتأمل فتأمل فأثابهم الله أي بسبب قولهم ذلك كما تؤذن به الفاء ثواب الدنيا أي النصر والغنيمة قاله إبن جريج وقال قتادة الفتح والظهور والتمكن والنصر على عدوهم قيل : وتسمية ذلك ثوابا لأنه مترتب على طاعتهم وفيه إجلال لهم وتعظيم وقيل : تسميه ذلك ثوابا مجاز لأنه يحاكيه .
وأستشكل تفسير إبن جريج بأن الغنائم لم تحل لأحد قبل الإسلام بل كانت الأنبياء إذا غنموا مالا جاءت نار من السماء فأخذته فكيف تكون الغنيمة ثوابا دنيويا ولم يصل للغانمين منها شيء ! وأجيب بأن المال الذي تأخذه النار غير الحيوان وأما الحيوان فكان يبقى للغانمين دون الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فكان ذلك هو الثواب الدنيوي وحسن ثواب الآخرة أي وثواب الآخرة الحسن وهو عند إبن جريج رضوان الله تعالى ورحمته وعند قتادة هي الجنة وتخصيص الحسن بهذا الثواب للإيذان بفضله ومزيته وأنه المعتد به عنده تعالى ولعل تقديم ثواب الدنيا عليه مراعاة للترتيب الوقوعي أو لأنه أنسب بما قبله من الدعاء بالنصر على الكافرين والله يحب المحسنين 841 تذييل مقرر لما قبله فإن محبة الله سبحانه للعبد مبدأ كل خير وسعادة واللام