أي بالمبدأ والمعاد ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر حسبما إقتضاه الشرع ولكون ما تقدم نظرا للخصوص لأن إيداع الأسرار عند الأحرار وهذا بالنظر إلى العموم لأن الشريعة أوسع دائرة من الحقيقة قدم وأخر ويسارعون في الخيرات من تكميل أنفسهم وغيرهم وأولئك من الصالحين القائمين بحقوق الحق والخلق وما تفعلوا من خير يقربكم إلى الله تعالى فلن تكفروه فقد جاء من تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة والله عليم بالمتقين أي الذين أتقوا ما يحجبهم عنه فيتجلى لهم بقدر زوال الحجاب إن الذين كفروا وأحتجبوا عن الحق برؤية الأغيار وأشركوا بالله تعالى مالا وجود له في عير ولا نفير لن تغني لن تدفع عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله أي عذابه شيئا من الدفع لأنها من جملة أصنامهم التي عبدوها وأولئك أصحاب النار وهي الحجاب والبعد عن الحضرة هم فيها خالدون لإقتضاء صفة الجلال مع إستعدادهم ذلك مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا الفانية الدنية ولذاتها السريعة الزوال طلبا للشهوات ومحمدة الناس لا يطلبون به وجه الله تعالى كمثل ريح فيها صر أي برد شديد أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم بالشرك والكفر فأهلكته عقوبة لهم من الله تعالى لظلمهم وما ظلمهم الله بإهلاك حرثهم ولكن أنفسهم يظلمون لسوء إستعدادهم الغير المقبول ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة أي خاصة تطلعونه على أسراركم من دونكم كالمنكرين المحجوبين إذ المحبة الحقيقية لا تكون إلا بين الموحدين لكونها ظل الوحدة ولا تكون بين المحجوبين لكونهم في عالم التضاد والظلمة ولا يتأتى الصفاء والوفاق الذي هو ثمرة المحبة في ذلك العالم فلذا ترى محبة غير أهل الله تعالى تدور الأغراض ومن هنا تتغير لأن اللذات النفسانية لا تدوم فإذا كان هذا حال المحجوبين بعضهم مع بعض فكيف تتحقق المحبة بينهم وبين من يخالفهم في الأصل والوصف وأنى يتجانس النور والظلمة وكيف يتوافق مشرق ومغرب ! أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيان هي شامية إذا ما أستقلت وسهيل إذا أستقل يماني ففي الحقيقة بينهما عداوة حقيقة وبعد كلي إلى حيث لا تتراءى ناراهما وآثار ذلك ظاهرة كما بين الله تعالى بقوله سبحانه : قد بدت البغضاء من أفواههم لإمتناع إخفاء الوصف الذاتي وما تخفي صدورهم أكبر لأنه المنشأ لذلك فهو نار وذاك شرار وهو جبل والظاهر غبار قد بينا لكم الآيات وهي العلامات الدالة على المحبة والعداوة وأسبابهما إن كنتم تعقلون وتفهمون من فحوى الكلام ها أنتم أولاء تحبونهم بمقتضى ما عندكم من التوحيد لأن الموحد يحب الناس كلهم بالحق للحق ويرى الكل مظهرا لحبيبه جل شأنه فيرحم الجميع ويعلم أن البعض منهم قد أشتغل بباطل نظرا إلى بعض الحيثيات وأبتلى بالقدر وهذا لا ينافي ما قدمنا آنفا عند التأمل ولا يحبونكم بمقتضى الحجاب والظلمة التي ضربت عليهم وتؤمنون بالكتاب أي جنسه كله لما أنتم عليه من التوحيد المقتضى لذلك وهم لا يؤمنون بذلك للإحتجاب بما هم عليه وإذا لقوكم قالوا آمنا لما فيهم من النفاق المستجلب للأغراض العاجلة وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ الكامن في صدورهم إن تمسسكم حسنة كآثار تجلي الجمال تسؤهم ويحزنوا لها وإن تصبكم سيئة أي ما يظنون أنه سيئة كآثار تجلي الجلال يفرحوا بها وإن تصبروا على ما أبتليتم به وتثبتوا على التوحيد وتتقوا الإستعانة بالسوي لا يضركم كيدهم شيئا لأن الصابر على البلاء المتوكل على الله تعالى المستعين به المعرض