والجملة إعتراض للإيذان بأنه قد قدر من الأقوال والأفعال مالا ينبغي صدوره منهم ومنذلك قول أصحاب عبدالله بن جبير حين رأوا غلبة المسلمين على كفار قريش : قد غنم أصحابنا ونبقى نحن بلا غنيمة وجعلوا ينسلون رجلا فرجلا حتى أخلوا مراكزهم ولم يبق مع عبدالله سوى إثني عشر رجلا مع إيصاء رسول الله بثبوتهم مكانهم إذ همت قيل : بدل من إذ غدوت مبين لما هو المقصود بالتذكير .
وجوز أن يكون ظرفالتبويءأولغدوتأول عليمعلى سبيل التنازع أولهما معا في رأي وليس المراد تقييد كونه سميعا عليما بذلك الوقت طائفتان منكم أي فرقتان من المسلمين وهما حيان من الأنصار بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس وكانا جناحي عسكر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قاله إبن عباس وجابر بن عبدالله والحسن وخلق كثير وقال الجبائي : همت طائفة من المهاجرين وطائفة من الأنصار أن تفشلا اي تضعفا وتجبنا حين رأوا إنخذال عبدالله بن أبي بن سلول مع من معه عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم والمنسبك من أن والفعل متعلق بهما والباء محذوفة أي همت بالفشل وكان المراد به هنا لازمه الفعل الإختياري الذي يتعلق الهم به والظاهر أن هذا الهم لم يكن عن عزم وتصميم على مخالفة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ومفارقته لأن ذلك لا يصدر مثله عن مؤمن بل كان مجرد حديث نفس ووسوسة كما في قوله : أقول لها إذا جشأت وجاشت مكانك تحمدي أو تستريحي ويؤيد ذلك قوله تعالى : والله وليهما اي ناصرهما والجملة إعتراض .
وجوز أن تكون حالا من فاعل همت أو من ضميره في تفشلا مفيدة لإستبعاد فشفلهما أو همهما مع كونهما في ولاية الله تعالى وقرأ عبدالله والله وليهم بضمير الجمع على حد وإن طائفتان من المؤمنين أقتتلوا وعلى الله فليتوكل المؤمنون 221 أي عليه سبحانه لا على غيره كما يؤذن به تقديم المعمول وإظهار الأسم الجليل للتبرك به والتعليل وأل في المؤمنون للجنس ويدخل فيه الطائفتان دخولا أوليا وفي هذا العنوان إشعار بأن الإيمان بالله تعالى من موجبات التوكل عليه وحذف متعلق التوكل ليفيد العموم أي ليتوكلوا عليه عز شأنه في جميع أمورهم جليلها وحقيرها سهلها وحزنها ولقد نصركم الله ببدر بيان لما يترتب على الصبر والتقوى إثر بيان ما ترتب على عدمهما أو مساقة لإيجاب التوكل على الله تعالى بتذكير ما يوجبه وبدركما قال الشعبي بئر لرجل من جهينة يقال له بدر فسميت به وقال الواقدي أسم للموضع وقيل : للوادي وكانتكما قال عكرمةمتجرا في الجاهلية .
وقال قتادة : إن بدرا ماء بين مكة والمدينة التقى عليه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والمشركون وكان أول قتال قاتله النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وكان ذلك في السابع عشر من شهر رمضان يوم الجمعة سنة إثنتين من الهجرة والباء بمعنىفيأي نصركم الله في بدر وأنتم أذلة حال من مفعول نصركم و أذلة جمع قلة لذليل وأختير على ذلائل ليدل على قلتهم مع ذلتهم والمراد بها عدم العدة لا الذل المعروف فلا يشكل