وهي مذمومة وضدها الإناة وهي محمودة وإيثار في علىإلىوكثيرا ما تتعدى المسارعة بها للإيذان كما قال شيخ الإسلام : بأنهم مستقرون في أصل الخير متقلبون في فنونه لا أنهم خارجون منتهون إليها وصيغة جمع القلة هنا تغني عن جمع الكثرة كما لا يخفى وأولئك أي الموصوفون بتلك الصفات الجلية الشأن بسبب إتصافهم بها كما يشعر به العدول عن الضمير من الصالحين أي من عداد الذين صلحت عند الله تعالى حالهم وهذا رد لقول اليهود : ما آمن به آلا شرارنا .
وقد ذهب الجل إلى أن في الآية إستغناءا بذكر أحد الفريقين عن الآخر على عادة العرب من الإكتفاء بذكر أحد الضدين عن الآخر والمراد ومنهم من ليسوا كذلك وما يفعلوا من خير أي طاعة متعدية أو سارية فلن يكفروه أي لن يحرموا ثوابه البتة وأصل الكفر الستر ولتفسيره بما ذكرنا تعدى إلى مفعولين والخطاب قيل : لهذه الأمة وهو مرتبط بقوله تعالى : كنتم خير أمة وجميع ما بينهما إستطراد وقيل : لأولئك الموصوفين بالصفات المذكورة وفيه إلتفات ونكتته الخاصة هنا الإشارة إلى أنهم لإتصافهم بهذه المزايا أهل لأن يخاطبوا وقرأ أهل الكوفة إلا أبا بكر بالياء في الفعلين والباقون بالتاى فيهما غير أبي عمرو فإنه رى عه أنه كن يخبر بهما وعلى قراءة الغيبة يجوز أن يراد من الضمير ما أريد من نظائره فيما قبل ويكون الكلام حينئذ على وتيرة واحدة و يحتمل أن يعود للأمة ويكون العدول إلى الغيبة مراعاة للأمة كما روعيت أو لا في التعبيربأخرجتدون أخرجتم وهذه طريقة مشهورة للعرب في مثل ذلك .
والله عليم بالمتقين 511 اي بأحوالهم فيجازيهم وهذا تذييل مقرر لمضمون ما قبله .
والمراد بالمتقين إما عام ويدخل المخاطبون دخولا أوليا وإما خاص بالمتقدمين وفي وضع الظاهر موضع المضمر إيذان بالعلة وأنه لا يفوز عنده إلا أهل التقوى وعلى هذا يكون قوله تعالى : إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا مؤكدا لذلك ولهذا فصل .
والمراد من الموصول إما سائر الكفار فإنهم فأخروا بالأموال والأولاد حيث قالوا : نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين فرد الله تعالى عليهم بما ترى عليهم وإما بنوقريظة وبنو النضير حيث كانت معالجتهم بالأموال والأولاد .
وروى هذا عن إبن عباس رضي الله تعالى عنهما وقيل : مشركو قريش وقيل : وقيل : ولعل من أدعى العموموهو الظاهرقال : بدخول المذكورين دخولا أوليا والمراد من الإغناء الدفع ويقال : أغني عنه إذا دفع عنه ضررا لولاه لنزل به أي لن تدفع عنهم يوم القيامة أموالهم التي عولوا عليها في المهمات ولا من هو أرجى من ذلك وأعظم عندهم وهم أولادهم من عذاب الله تعالى لهم شيئا يسيرا منه وقال بعضهم : المراد بالإغناء الأجزاء ويقال : ما يغنى عنك هذا أي ما يجزي عنك وما ينفعك و من للبدل أو الإبتداء و شيئا مفعول مطلق أي لن يجزي عنهم ذلك من عذاب الله تعالى شيئا من الأجزاء وعلى التفسير الأول للإغناء وجعل هذا معنى حقيقيا له دونه يقال بالتضمين وأمر المفعولية عليه ظاهر لتعديه حينئذ وأولئك أي الموصوفون بالكفر بسبب كفرهم أصحاب النار أي ملازموها وهو معنى الأصحاب عرفا .
هم فيها خالدون 611 تأكيد لما يراد من الجملة الأولى وإختيار الجملة الأسمية للإيذان بالدوام والإستمرار