إذ لا يقع ما لايريده تعالى وهذا لا ينافي على ما قيل : الجزء الاختياري حتى لا يكون لهم اختيار في الجملة فيكون قولا بمذهب الجبرية ولا يستدعي عدم توجه تعذيبهم على الكفر ولا عدم الفرق بين المؤمن والكافر بناءا على أن الجميع لا يفعلون سلا ما اراده الله تعالى كما وهم الثالث ما أشار إليه بعض ساداتنا الصوفية نفعنا الله تعالى بهم أن الاسلام طوعا هو الانقياد والامتثال لما أمر الله تعالى من غير معارضة ظلمة نفسانية وحيلولة حجب الانانية والاسلام كرها هو الانقياد مع توسط المعارضات والوساوس وحيلولة الحجب والتعلق بالوسائط والأول مثل إسلام الملائكة وبعض من في الأرض من المصطفين الاخيار والثاني مثل إسلام الكثير ممن تقلبه الشكوك جنبا إلى جنب حتى إلى غدا يقول : لقد طفت في تلك المعاهد كلها وسرحت طرفي بين تلك المعالم فلم أر إلا واضعا كف حائر على ذقن أو قارعا سن نادم والكفار من القسم الثاني عند أهل الله تعالى لانهم أثبتوا صانعا أيضا إلا أن ظلمة أنفسهم حالت بينهم وبين الوقوف على الحق فلم يؤمنوا بالله إلا وهم مشركون ولئن سالتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله وإلى هذا يشير كلام مجاهد وأخرج ابن جرير وغيره عن أبي العالية أنه قال ك كل آدمي أقر على نفسه بأن الله تعالى ربي وأنا عبده فمن اشرك في عبادته فهذا الذي أسلم كرها ومن أخلص لله تعالى العبودية فهو الذي أسلم طوعا وقرأ الاعمش كرها بالضم وإليه يرجعون .
48 .
- أي إلى جزائه تصيرون على المشهور فبادروا إلى دينه ولا تخالفوا الاسلام وجوزوا في الجملة أن تكون مستأنفة للاخبار بما تضمنته من التهديد وأن تكون معطوفة على وله أسلم فهي حالية أيضا وقرأ عاصم بياء الغيبة والضمير لمن او لمن عاد اليه ضمير يبغون فان بالخطاب فهو التفات وقرأ الباقون بالخطاب والضمير عائد لمن عاد اليه ضمير يبغون فعلى الغيبة فيه التفات فيه أيضا قل ءامنا بالله أمر للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم أن يخبر عن نفسه والمؤمنين بالايمان بما ذكر فضمير آمنا للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم والأمة وقال المولى عبد الباقي : لما أخذ الله تعالى الميثاق من النبيين أنفسهم أن يؤمنوا بمحمد E وينصروه أمر محمدا أيضا صلى الله تعالى عليه وسلم أن يؤمن بالانبياء المؤمنين به وبكتبهم فيكون آمنا في موضع آمنت لتعظيم نبينا عليه افضل الصلاة واكمل السلام أو لما عهد مع النبيين واممهم أن يؤمنوا أمر محمدا E وأمته أن يؤمنوا بهم وبكتبهم .
والحاصل أخذ الميثاق من الجتنبين على الايمان على طريقة واحدة ولم يتعرض هنا لحكمة الأنبياء السالفين إما لأن الايمان بالكتاب المنزل إيامن بما فيه من الحكمة أو للاشارة إلى أن شريعتهن منسوخة في زمن هذا النبي وكلاهما على تقدير كون الحكمة بمعنى الشريعة ولم يتعرض لنصرته E لهم إذ لا مجال بوجه لنصرة السلف ويؤيد دعوى اخذ الميثاق من الجانبين ما أخرجه عبد الرزاق وغيره عن طاوس أنه قال : أخذ الله تعالى ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضا وما أنزل علينا وهو القرآن المنزل عليه صلى الله تعالى عليه وسلم أولا وعليهم بواسطة تبليغه اليهم ومن هنا أتى بضمير الجمع وقد يعتبر الإنزال عليه E وحده ولكن نسب إلى الجمع ما هو منسوب لواحد منه مجارا على ما قيل ويحتمل أن تكون النون نون العظمة لا ضمير الجماعة