فيهما حتما ثم إن هذا الايتاء في الآية حقيقة على الروايتين الأوليين مجاز على الرواية الأخيرة كما لا يخفى .
ولكن كونوا ربنيين إثبات لما نفي سابقا وهو القول المنصوب بأن كأنه قيل : ما كان لذلك البشر أن يقول ذلك لكن يقول كونوا ربانيين فالفعل هنا منصوب ايضا عطفا عليه وجوز رفعه على المعنى لأنه في معنى لا يقول وقيل ك يصح عدم تقدير القول على معنى لا تكونوا قائلين لذلك ولكن كونوا ربانيين وفسر علي كرم الله وجهه وابن عباس الرباني بالفقيه العالم وقتادة والسدي بالعالم الحكيم وابن جبير بالحكيم التقي وابن زيد بالمدبر امر الناس وهي أقوال متقاربة م وهو لفظ عربي لا سرياني على الصحيح .
وزعم ابو عبيدة أن العرب لا تعرفه وهو منسوب إلى الرب كالهي والألف والنون يزدادان في النسب للبالغة كثيرا كلحياني م لعظيم اللحية والجماني لوافر الجمة ورقباني بمعنى غليظ الرفبة وقيل : إنه منسوب إلى ربان صفة كعطشان بمعنى مربي بما كنتم تعلمون الكتب وبما كنتم تدرسون .
97 .
- الباء السببية متعلقة بكونوا أي كونوا كذلك بسبب مثابرتكم على تعليمكم الكتاب ودراستكم له والمطلوب أن لا ينفك العلم عن العمل إذ لا يعتد بأحدهما بدون الآخر وقيل : متعلقة م بربانيين لان فيه معنى الفعل وقيل : بمحذوف وقع صفة له م والدراسة التكرار يقال : درس الكتاب أي كرره وتطلق على القراءة وتكرير بما كنتم للإشعار باستقلال كل من استمرار التعليم واستمرار القراءة المشعربة جعل خبر كان مضارعا بالفضل وتحصيل الربانية وقدم تعليم الكتاب على دراسته لوفور شرفه عليها أو لان الخطاب الاول لرؤسائهم والثاني لمن دونهم وقيل : لأن متعلق التعليم الكتاب بمعنى القرآن ومتعلق الدراسة الفقه وفيه بعد بعيد وإن اشعر به كلام بعض السلف .
وقرأ نافع وابن كثير ويعقوب وابو عمرو ومجاهد تعلمون بمعنى عالمين وقرئ تدرسون بالتشديد من التدريس وتدرسون من الإدراس بمعناه ومجئ أفعل بمعنى فعل كثير وجوز كون القراءة المشهورة ايضا بهذا المعنى على ان يكون المراد تدرسونه للناس .
ولا يامركم ان تتخذوا الملئكة والنبيين أربابا قرأ ابن عامر وحمزة وعاصم ويعقوب ولا يامركم بالنصب عطفا على يقول ولا إما مزيدة لتأكيد معنى النفي الشائع في الاستعمال سيما عند طول العهد وتخلل الفصل والمعنى ما كان لبشر أن يوتيه الله تعالى ذلك ويرسله للدعوة إلى اختصاضه بالعبادة وترك الأنداد ثم يأمر الناس بأن يكونوا عبادا له ويأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين اربابا فهو كقولك : ما كان لزيد أن اكرمه ثم يهينني ولا يستخف بي وإما غير زائدة بناءا على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان ينهي عن عبادة الملائكة والمسيح وعزير عليهم السلام فلما قيل له : أنتخذك ربا قيل لهم : ما كان لبشر أن يتخذه الله تعالى نبيا ثم يأمر الناس بعبادته وينهاهم عن عبادة الملائكة والانبياء مع أن من يريد أن يستعبد شخصا يقول له : ينبغي أن تعبد أمثالي وأكفائي وعلى هذا يكون المقصود من عدم الأمر م التي وإن كان أعم منه لكونه أمس بالمقصود وأوفق للواقع وقرأ باقي السبعة ولا يأمركم بالرفع على الاستئناف ويحتمل الحالية وقيل كوالرفع على الاستئناف أظهر وينصره قراءة ولن يأمركم ووجهت الأظهرية بالخلو من تكلف جعل عدم بمعنى النهي وبأن العطف يستدعي تقديمه على لكن وكذا الحالية ايضا