ذكر غير واحد ان وفد نجران قالوا لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : مالك تشتم صاحبنا قال : ما أول قالوا : تقول : إنه عبدالله قال : أجل هو عبدالله ورسوله وكلمته القاها إلى العذراء البتول فغضبوا وقالوا هل رايت إنسانا قط من غير اب فان كنت صادقا فأرنا مثله فأنزل الله تعالى الآية .
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق سلمة بن عبد يسوع عن ابيه عن جده أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كتب إلى أهل نجران قبل أن ينزل عليه طس سليمان بسم إله إبراهيم وإسحق ويعقوب من محمد رسول الله إلى اسقف نجران واهل نجران إن اسلمتم فإني أحمد الله إليكم إله إبراهيم وإسحق ويعقوب أما بعد فإني ادعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد وادعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد فان ابيتم فالجزية فان أبيتم فقد أذنتم بحرب والسلام فلما قرأ الاسقف الكتاب فظع به وذعر ذعرا شديدا فبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له شرحبيل بن وداعة فدفع اليه كتاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقرأه فقال له الأسقف ك ما رأيك فقال شرحبيل : قد علمت ما وعد الله تعالى إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة فما يومن أن يكون هذا الرجل نبيا وليس لي في النبوة راي لو كان أمر من امر الدنيا اشرت عليك فيه وحهدت لك فبعث الأسقف واحد بعد واحد من أهل نجران فكلهم قال مثل قول شرحبيل فاجتمع رايهم على ان يبعثوا شرحبيل وعبدالله بن شرحبيل وحيار بن قنص فيأتونهم بخبر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فانطلق الوفد حتى اتوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فسالهم وسألوه فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا ك ما تقول في عيسى ابن مريم فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : ما عندي فيه شئ يومي هذا فأقيموا حتى أخبركم بما يقال لي في عيسى صبح الغداة فانزل الله هذه الآية إن مثل عيسى إلى قوله سبحانه : فنجعل لعنة الله على الكاذبين فابوا أن يقروا بذلك فلما اصبح رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الغد بعد ما أخبرهم الخبر أقبل مشتملا على الحسن والحسين في خميلة له وفاطمة تمشي عند ظهره للملاعنة وله يومئذ عدة نسوة فقال شرحبيل لصاحبيه : إني ارى امرا ثقيلا إن كان هذا الرجل نبيا مرسلا فتلاعناه لا يبقى على ظهر الارض منا شعر ولا ظفر إلا هلك فقالا له : ما رأيك فقال : رايي أن أحكمه فإني ارى رجلا لا يحكم شططا ابدا فقالا له : أنت وذاك فتلقى شرحبيل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : إني رايت خيرا من ملاعنتك قال : وما هو قال حكمك اليوم إلى الليل وليلك إلى الصباح فما حكمت فينا فهو جائز فرجع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولم يرعنهم وصالحهم على الجزية وروى غير ذلك كما سيأتي قريبا و المثل هنا ليس هو المثل المستعمل في التشبيه والكاف زائدة كما قيل به بل بمعنى الحال والصفة العجيبة أي إن صفة عيسى عند الله أي في تقديره وحكمه أو فيما غاب عنكم ولم تطلعوا على كهنة والظرف متعلق فيما تعلق به الجار في قوله سبحانه ك كمثل ءادم أي كصفته وحاله العجيبة التي لايرتاب فيها مرتاب خلقه من تراب جملة ابتدائية لا محل لها من الإعراب مبينة لوجه الشبه باعتبار ان في كل الخروج عن العادة وعدم استكمال الطلافين ويحتمل أنه جئ بها لبيان ان المشبه به اغرب وأخرق للعادة فيكون ذلك اقطع للخصم وأحسم لمادة شبهته و من لابتداء الغاية متعلقة بما عندها والضمير المنصوب لآدم والمعنى ابتدأ خلق قالبه من هذا الجنس ثم قال له كن فيكون أي صر بشرا فصار فالتراخي على هذا زماني إذ بين إنشائه مما ذكر وإيجاد الروح فيه وتصييره لحما ودما زمان طويل فقد روى أنه بعد أن خلق قالبه بقي ملقى