وكان بينهما على ما قالوا أربعون سنة وقال أبو رزين الأولى حالة كفره وعصيانه والآخرة قولته أنا ربكم الأعلى وعن مجاهد أنهما عبارتان عن أول معاصيه وآخرها أي نكل بالجميع والإضافة على جميع ذلك من إضافة المسبب إلى المسبب ومآل من يقول بقبول إيمان فرعون إلى هذه الأقوال وجعل ذلك النكال الأغراق في الدنيا وقد قدمنا الكلام في هذا المقام إن في ذلك أي فيما ذكر من قصة فرعون وما فعل وما فعل به لعبرة عظيمة لمن يخشى أي لمن شأنه أن يخشى وهو من من شأنه المعرفة وهذا إما لأن من كان في خشية لا يحتاج للأعتبار أو ليشمل من يخشى بالفعل ومن كان من شأنه ذلك على ما قيل وقوله تعالى ءأنتم أشد خلقا خطاب للمخاطبين في جواب القسم أعني لتبعثن من أهل مكة المنكرين للبعث بناء على صعوبته في زعمهم بطريق التوبيخ والتبكيت بعد ما بين كمال سهولته بالنسبة إلى قدرة الله تعالى بقوله سبحانه فإنما هي زجرة واحدة ونصب خلقا على التمييز وهو محول عن المبتدأ أي أخلقكم بعد موتكم أشد أي أشق وأصعب في تقديركم أم السماء أي أم خلق السماء على عظمها وانطوائها على تعاجيب البدائع التي تحار العقول عن ملاحظة أدناها وقوله تعالى بناها الخ بيان وتفصيل لكيفية خلقها المستفاد من قوله تعالى أم السماء وفي عدم ذكر الفاعل فيه وفيما عطف من الأفعال من التنبيه على تعيينه وتفخيم شأنه D ما لا يخفى وقوله سبحانه رفع سمكها بيان للبناء أي جعل مقدار ارتفاعها من الأرض وذهابها إلى سمت العلو مديدا رفيعا وجوز أن يفسر السمك بالثخن فالمعنى جعل ثخنها مرتفعا في جهة العلو ويقال للثخن سمك لما فيه من ارتفاع السطح الأعلى عن السطح الأسفل وإذا لوحظ هذا الأمتداد من العلو للسفل قيل له عمق ونظير ذلك الدرج والدرك وقد جاء في الأخبار الصحيحة أن ارتفاع السماء الدنيا عن الأرض خمسمائة عام وارتفاع كل سماء عن سماء وثخن كل كذلك والظاهر تقدير ذلك بالسير المتعارف وأن المراد بالعدد المذكور التحديد دون التكثير ونحن مع الظاهر إلا أن يمنع عنه مانع فسواها أي جعلها سواء فيما اقتضته الحكمة فلم يخل D قطعة منها عما تقتضيه الحكمة فيها ومن ذلك تزيينها بالكواكب وقيل تسويتها جعلها ملساء ليس في سطحها انخفاض وارتفاع وقيل جعلها بسيطة متشابهة الأجزاء والشكل فليس بعضها سطحا بعضها زاوية وبعضها خطا وهو قول بكريتها الحقيقية وإليه ذهب كثير وقالوا وحكاه الإمام لما ثبت أنها محدثة مفتقرة إلى فاعل مختار فأي ضرر في الدين ينشأ من كونها كرية وقيل تسويتها تتميمها بما به كما لها من الكواكب والمتممات والتداوير وغيرها مما بين في علم الهيئة من قولهم سوى أمره أي أصلحه أو من قولهم استوت الفاكهة إذا نضجت وأنت تعلم أن هذا مع بنائه على اتحاد السماوات والأفلاك غير معروف في الصدر الأول من المسلمين لعدم وروده عن صاحب المعراج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وعدم ظهور الدليل عليه والأدلة التي يذكرها أهل الهيئة لتلك الأمور لا يخفى حالها ولذا لم يقل بما تقتضيه مخالفوهم من أهل الهيئة اليوم والله تعالى أعلم بحقيقة الحال وأغطش ليلها أي جعله مظلما يقال غطش الليل وأغطشه الله تعالى كما يقال ظلم وأظلمه ويقال أيضا أغطش الليل كما يقال أظلم وجاء ليلة غطشاء وليل أغطش وغطش قال الأعشى عقرت لهم ناقتي موهنا .
فليلهم مدلهم غطش وفي البحر عن كتاب اللغات في القرآن أغطش أظلم بلغة أنمار وأشعر وأخرج ضحاها أي أبرز نهارها والضحى في الأصل على ما يفهم من كلام الراغب انبساط الشمس وامتداد النهار ثم سمي به الوقت