ترغيب له صلى الله تعالى عليه وسلم في استماع حديثه كأنه قيل هل أتاك حديثه أنا أخبرك به وإن اعتبر إتيانه قبل هذا وهو المتبادر من الإيجاز في الأقتصاص أليس قد أتاك حديثه وليس هل بمعنى قد على شيء من الوجهين وقوله تعالى إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى ظرف للحديث لا للإتيان لاختلاف وقتيهما وجوز كونه مفعول اذكر مقدرا وتقدم الكلام في الواد المقدس واختلاف القراء في طوي إذهب إلى فرعون على إرادة القول والتقدير وقال له أو قائلا له اذهب الخ وقيل هو تفسير للنداء أي ناداه اذهب وقيل هو على حذف أن المفسرة يدل عليه قراءة عبد الله أن اذهب لأن في النداء معنى القول وجوز أن يكون بتقدير المصدرية قبلها حرف جر إنه طغى تعليل للأمر أو لوجوب الأمتثال به فقل بعد ما أتيته هل لك إلى أن تزكى أي هل لك ميل إلى أن تتزكى فلك في موضع الخبر لمبتدأ محذوف وإلى أن تزكى متعلق بذلك المبتدأ المحذوف ونحوه قول الشاعر فهل لكم فيها إلى فإنني .
بصير بما أعيا النطاسي حذيما قد يقال هل لك في كذا فيؤتى بقي ويقدر المبتدأ وغبة ونحوه مما يتعدى بها ومنهم من قدره هنا رغبة لأنها تعدي بها أيضا وقال أبو البقاء لما كان المعنى أدعوك جيء بإلى ولعله جعل الظرف متعلقا بمعنى الكلام أو بمقدر يدل عليه وتزكى بحذف إحدى التاءين أي تتطهر من دنس الكفر والطغيان وقرأ الحرميان وأبو عمر بخلاف تزكى بتشديد الزاي وأصله كما أشرنا إليه تتزكى فأدغمت التاء الثانية في الزاي وأهديك إلى ربك أي أرشدك إلى معرفته D فتعرفه فتخشى إذا الخشية لا تكون إلا بعد معرفته قال الله تعالى إنما يخشى الله من عباده العلماء وجعل الخشية غاية للهداية لأنها ملاك الأمر من خشي الله تعالى أتى منه كل خير ومن أمن اجترأ على كل شر ومنه قوله صلى الله تعالى عليه وسلم فيما رواه الترمذي عن أبي هريرة من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل وفي الأستفهام ما لا يخفى من التلطف في الدعوة والأستنزال عن العتو وهذا ضرب تفصيل لقوله تعالى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى وتقديم التزكية على الهداية لأنها تخلية والفاء في قوله تعالى فأريه الآية الكبرى فصيحة تفصح عن جمل قد طويت تعويلا على تفصيلها في موضع آخر كأنه قيل فذهب وكان كيت وكيت فأراه واقتصر الزمخشري في الحواشي على تقدير جملة فقال إن هذا معطوف على محذوف والتقدير فذهب فأراه لأن قوله تعالى اذهب يدل عليه فهو على نحو اضرب بعصاك الحجر فانبجست والإراءة إما بمعنى التبصير أو بمعنى التعريف فإن اللعين حين أبصرها عرفها وادعاء سحريتها إنما كان إظهارا للتجلد ونسبتها إليه E بالنظر إلى الظاهر كما أن نسبتها إلى نون العظمة في قوله تعالى ولقد أريناه آياتنا بالنظر إلى الحقيقة والمراد بالآية الكبرى على ما روي عن ابن عباس قلب العصاحية فإنها كانت المقدمة والأصل والأخرى كالتبع لها وعلى ما روي عن مجاهد وذلك واليد البيضاء فإنهما باعتبار الدلالة كالآية الواحدة وقد عبر عنهما بصيغة الجمع في قوله تعالى اذهب أنت وأخوك بآياتي باعتبار ما في تضاعيفهما منبدائع الأمور التي كل منها آية بينة لقوم يعقلون وجوز أن يراد بها مجموع معجزاته عليه السلام والوحدة باعتبار ما ذكر والفاء لتعقيب أولها أو مجموعها باعتبار أولها وكونها كبرى باعتبار معجزات من قبله من الرسل عليهم السلام أو هو للزيادة المطلقة ولا يخفى بعده ويزيده بعدا ترتيب حشر السحرة بعد فإنه لم يكن إلا على إراءة تينك الآيتين وإدباره عن العمل بمقتضاهما وأما ما عداهما من التسع فإنما ظهر على يده عليه السلام بعد ما غلب السحرة على مهل في نحو من عشرين سنة وزعم غلاة