يدبر القطر والنبات وعزرائيل يدبر قبض الأرواح وإسرافيل يدبر الأمر المنزل عليهم لأنه ينزل به ويدبر النفخ في الصور والأكثرون تفسيرها بالملائكة مطلقا بل قال ابن عطية لا أحفظ خلافا في أنها الملائكة وليس في تفسير شيء مما ذكر خبر صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيما أعلم وما ذكرته أولا هو المرجع عندي نظرا للمقام والله تعالى أعلم وقوله سبحانه يوم ترجف الراجفة منصوب بالجواب المضمر والمراد بالراجفة الواقعة أو النفخة التي ترجف الأجرام عندها على السناد إليها لأنها سبب الرجف أو التجوز في الطرف بجعل سبب الرجف راجفا وجوز أن تفسر الراجفة بالمحركة ويكون ذلك حقيقة لأن رجف يكون بمعنى حرك وتحرك كما في القاموس وهي النفخة الأولى وقيل المراد بها الأجرام الساكنة التي تشتد حركتها حينئذ كالأرض والجبال لقوله تعالى يوم ترجف الأرض والجبال وتسميتها راجفة باعتبار الأول ففيه مجاز مرسل وبه يتضح فائدة الإسناد وقوله تعالى تتبعها الرادفة أي الواقفة أو النفخة التي تردف وتتبع الأولى وهي النفخة الثانية وقيل الأجرام التابعة وهي السماء والكواكب فإنها تنشق وتنتثر بعد والجملة حال من الراجفة مصححة لوقوع اليوم ظرفا للبعث لإفادتها امتداد الوقت وسعته حيث أفادت أن اليوم زمان الرجفة المقيدة بتبعية الرادفة لها وتبعية الشيء الآخر فرع وجود ذلك الشيء فلا بد من امتداد اليوم إلى الرادفة واعتبار امتداده مع أن البعث لا يكون عند الرادفة أعني النفخة الثانية وبينها وبين الأولى أربعون لتهويل اليوم ببيان كونه موقعا لداهيتين عظيمتين وقيل يوم ترجف منصوب باذكر فتكون الجملة استئنافا مقرر المضمون الجواب المضمر كأنه قيل لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم اذكر لهم يوم النفختين فإنه وقت بعثهموقيل هو منصوب بما دل عليه قوله تعالى قلوب يومئذ واجفة أي يوم ترجف وجفت القلوب أي اضطربت يقال وجف القلب وجيفا اضطرب من شدة الفزع وكذلك وجب وجيبا وجيبا وروي عن ابن عباس أن واجفة بمعنى خائفة بلغة همدان وعن السدي وعن مكانها ولم يجعل منصوبا بواجفة لأنه نصب ظرفه أعني يومئذ والتأسيس أولى من التأكيد فلا يحمل عليه كيف وحذف المضاف وإبدال التنوين مما يأباه أيضا ورفع قلوب على الأبتداء ويومئذ متعلق بواجفة وهي الخبر على ما قيل وهو الأظهر كما في قوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ووجوه يومئذ باسرة وجاز الأبتداء بالنكرة لأن تنكيرها للتنويع وهو يقوم مقام الوصف المخصص نعم التنويع في النظير أظهر لذكر المقابل بخلاف ما نحن فيه ولكن لا فرق بعد ما ساق المعنى إليه وإن شئت فاعتبر ذلك للتكثير كما اعتبر في شرأ هر ذا ناب وقيل واجفة صفة قلوب مصححة للأبتداء بها وقوله تعالى أبصارها خاشعة أي أبصار أهلها ذليلة من الخوف ولذلك أضافها إليها فالإضافة لأدنى ملابسة وجوز أن يراد بالأبصار البصائر أي صارت البصائر ذليلة لا تدرك شيئا فكني بذلها عن عدم إدراكها لأن عز البصيرة إنما هي بالإدراك وبحث في كون القلوب غير مدركة يوم القيامة وأجيب بأن المراد شدة الذهول والحيرة جملة من مبتدأ وخبر في محل رفع على الخبرية لقلوب وتعقب بأنه قد اشتهر أن حق الصفة أن تكون معلومة الأنتساب إلى الموصوف عند السامع حتى قال غير واحد أن الصفات قبل العلم بها أخبار والإخبار بعد العلم بها صفات فحيث كان ثبوت الوجيف وثبوت الخشوع لأبصار أصحاب القلوب سواء في المعرفة والجهالة كان جعل الأول عنوان الموضوع مسلم الثبوت مفروغا عنه وجعل الثاني مخبرا به مقصود الإفادة تحكما بحتا على أن الوجيف الذي هو عبارة عن اضطراب القلب وقلقه من شدة الخوف والوجل أشد من خشوع البصر وأهول الشرين عمدة وأشدهما فضلة مما لا عهد له في الكلام وأيضا فتخصيص الخشوع بقلوب موصوفة بصفة معينة غير مشعرة بالعموم والشمول