لئلا يلزم حذف الضمير مع حرف الجر أعني به أوفيه وليناسب ما في الشطر الثاني ثم نتبعهم الآخرين بالرفع على الأستئناف وهو وعيد لأهل مكة وإخبار عما يقع بعد الهجرة كبدر كأنه قيل ثمنحن نفعل بأمثالهم من الآخرين مثل ما فعلنا بالأولين ونسلك بهم سببلهم لأنهم كذبوا مثل تكذيبهم ويقويه قراءة عبد الله ثم سنتبعهم بسينا لأستقبال وجوز العطف قوله تعالى ألم نهلك إلى آخره وقرأ الأعرج والعباس عن أبي عمرو نتبعهم بإسكان العين فحمل على الجزم والعطف على نهلك فيكون المراد بالآخرين المتأخرين هلاكا من المذكورين كقوم لوط وشعيب وموسى عليهم السلام دون كفار أهل مكة لأنه مبعدم ا كانوا قد أهلكوا والعطف على نهلك يقتضيه وجوز أن يكون قد سكنت خفيفا كما في وما يشعر كمفهوم رفوع كما في قراءة الجمهور إلا أن الضمة مقدرة كذلك مثل ذلك الفعل الفظيع نفعل بالمجرمين أي بكل من أجرم والمراد أن سنتنا جارية على ذلك ويل يومئذ أي يوم إذا أهلكناهم للمكذبين بآيات الله تعالى وأنبيائه عليهم السلام وليس فيه تكرير لما أن الويل الأول لعذاب الآخرة وهذا لعذاب الدنيا ولا تكرير لاختلاف متعلق المكذبين في الموضعين بأن يكون متعلقة هنا ما سمعت وفيما تقدم يوم الفصل ونحوه وكذا يقال فيما بعد وجوز اعتبار الأتحاد والتأكيد أمر حسن لا ضير فيه ألم نخلقكم من ماء مهين من نطفة قذرة مهينة وليس فيه دليل على نجاسة المني فجعلناه في قرار مكين هو الرحم إلى قدر معلوم أي مقدار معلوم عند الله تعالى من الوقت قدره سبحانه للولادة تسعة أشهر أو أقل منها أو أكثر فقدرنا أي فقدرنا ذلك تقديرافنعم القادرون أي فنعم المقدرون له نحن وجوز أن يكون المعنى فقدرنا على ذلك فنعم القادرون عليه نحن والأول أولى لقراءة علي كرم الله تعالى وجهه ونافع والكسائي فقدرنا بالتشديد ولقوله تعالى من نطفة خلقه فقدره ولقوله إلى قدر معلوم فزاده تفخيما بأن جعلت الغاية مقصودة بنفسها فقيل فقدرنا ذلك تقديرا أي تقديرا دال على كمال القدرة وكمال الرحمة على أن حديث القدرة قد تم في قوله تعالى ألم نخلقكم وقول الطيبي في ترجيح الثاني إثبات القدرة أولى لأن الكلام معالم نكرين لا وجه له إذ لا أحد ينكر هذه القدرة ولوسلم فقد قرروا بها بقوله تعالى ألم نخلقكم فتأمل ويل يومئذ للمكذبين أي بقدرتنا على ذلك أو الأعادة ألم نجعل الأرض كفاتا الكفات اسم جلس أو اسم آلة لما يكفت أي يضم ويجمع من كفت الشيء إذا ضم هو جمعه كالضمام والجماع لما يضم ويجمع وأنشدوا قول الصمصامة بن الطرماح فأنت اليوم فوق الأرض حي .
وأنت غدا تضمك في كفات وعن أبي عبيدة تفسيره بالوعاء وقوله تعالى أحياء وأمواتا مفعول محذوف لا لكفاتا لأن اسم الجنس وكذا اسم الآلة كما صرح به النحاةلا يعمل أي ألم نجعلها كفاتا تكفت وتجمع أحياء كثيرة على ظهرها وأمواتا غير محصورة في بطنها وقيل هو مصدرك القتال نعت بهل لمبالغة فلا يحتاج إلى تقدير فعل وقيل جمع كافت كصيام وصائم فلا يحتاج إلى تقدير أيضا أوجمع كفت بكسر الكاف وسكون الفاء وهوالوعاء كقدح وقداح وأجرى على الأرض مع جمعه وإفرادها باعتبار أقطارها وجوز انتصاب الجمعين على الحالية من مفعول كفاتاالمحذوف والتقدير مفاتا إياهم أو إياكم أو كفاتاالأنس أحياء وأمواتا أخمن مفعول حذف مع فعله أي كفاتا تكفته أو تكفتكم أو تكفت الأنس أحياء وأمواتا وأن يكون انتصابهما على المفعولية لنجعل بتقدير مضاف أي ذاتأحياء وأمواتأو على أن المراد بأمواتا الأرض الموات على ما أخرجه ابن أبي حاتم عن مجاهد