لنبتليه وحكى ذلك عن الفراء وعسف لأن التقديم لا يقع في حاق موقعه لا لفظا لأجل الفاء ولا معنى لأنه لا يتجه السؤال قبل الجعل والأوجه الأول وهذا الجعل كالمسبب عن الأبتلاء لأن المقصود من جعله كذلك أن ينظر الآيات الآفاقية والأنفسية ويسمع الأدلة السمعية فلذلك عطف على الخلق المقيد به بالفاء ورتب عليه قوله تعالى إنا هديناه السبيل لأنه جملة مستأنفة تعليلية في معنى لأنا هديناه أي دللناه على ما يوصله من الدلائل السمعية كالآيات التنزيلية والعقلية كالآيات الآفاقية والأنفسية وهو إنما يكون بعد التكليف والأبتلاء إما شاكرا وإما كفورا حالان من مفعول هدينا وإما للتفصيل باعتبار تعدد الأحوال مع اتحاد الذات أي هديناه ودللناه على ما يوصل إلى البغية في حالتيه جميعا من الشكر والكفر أو للتقسيم للمهدي باختلاف الذوات والقات أي هديناه السبيل مقسوما إليها بعضهم شاكر بالأهتداء للحق وطريقة بالأخذ فيه وبعضهم كفور بالإعراض عن هو حاصله دللناه على الهداية والأسلام فمنهم مهتد مسلم ومنهم ضال كافر حالان من السبيل أي عرفناه السبيل إما سبيلا شاكرا وإما سبيلا كفورا على وصف السبيل يوصف سالكه مجازا والمراد به لا يخفى وعن السدي أن السبيل هنا سبيل الخروج من الرحم وليس بشيء أصلا وقرأ أبو السمال وأبو العاج أما بفتح الهمزة في الموضعين وهي لغة حكاها أبو زيد عن العرب وهي التي عدها بعض الناس على ما قال أبو حيان في حروف العطف وأنشدوا تلقحها إما شمال عرية .
وإما صبا جنح العشي هبوب وجعلها الزمخشري أما التفصيلية المتضمنة معنى الشرط على معنى أما شاكرا فبتوفيقنا وأما كفورا فبسوء اختياره وهذا التقدير إبراز من هلل ولا عليه أن يجعله من باب يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا كأنه قيل أما شاكرا فبهدايتنا أي دعائنا أو أقدارنا على ما فسر به الهداية وأما كفورا فبها أيضا لاختلاف وجه الدعاء لأن الهداية ههنا ليست في مقابلة الضلال وهذا جار على المذهبين وسالم عن حذفما لا دليل عليه وجوز الأنتصاف أن يكون أما شاكرا فمثاب وأما كفورا فمعاقب وأيراد الكفور بصيغة المبالغة لمراعاة الفواصل والأشعار بأن الأنسان قلما يخلو من كفران ما وإنما المؤاخذ عليه الكفر المفرط إنا أعتدنا هيأنا للكافرين من أفراد الإنسان الذي هديناه السبيل سلاسل بها يقادون وأغلالا بها يقيدون وسعيرا بها يحرقون وتقديم وعيدهم مع تأخرهم للجمع بينهما في الذكر كما في قوله تعالى يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم الآية ولأن الأذار أنسب بالمقام وحقيق بالأهتمام ولأن تصدير الكلام وختمه بذكر المؤمنين أحسن على أن وصفهم تفصيلا ربما يخل بتجارب والكسائي وأبو بكر والأعمش سلاسلا بالتنوين وصلا وبالألف المبدلة وقفا وقال الزمخشري وفيه وجهان أحدهما أن تكون هذه النون بدلا عن حرف الإطلاق ويجري الوصل مجرى الوقف والثاني أن يكون صاحب القراءة ممن ضري برواية الشعر ومرن لسانه على صرف غير المنصرف وفي الأول أن الإبدال من حروف الإطلاق في غير الشعر قليل كيف وضم إليه إجراء الوصل مجرى الوقف وفي الثاني تجويز القراءة بالتشهي دون سداد وجهها في العربية والوجه أنه لقصد الأزدواج والمشاكلة فقد جوز والذلك صرف ما لا ينصرف لا سيما الجمع فإنه سبب ضعيف لشبهه بالمفرد في جمعه كصواحب يوسف ونواكسي الأبصار ولهذا جوز بعضهم صرفه مطلقا كما قيل والصرف في الجمع أتى كثيرا .
حتى ادعى قوم به التخييرا