في البسملة والحمد له ولذا حكم عليه بغلبة الأسمية وقل إستعماله منكرا ومضافا فوجب كونه بدلا لا صفة لكون لفظة الله أعرف المعارف وقال غير واحد : أنهما ذكرا لإفادة الشمول والعموم كما تقول الكبير والصغير يعرفه ولو عكست صح وكان المعنى بحاله ومثله لا يلزم فيه الترتيب كما فصل في المثل السائر وللعلماء في هذا الترتيب كلام كثيرا وأدعى العلامة المدقق في الكشف أن التحقيق يقتضي أن يرد النظم على هذا الوجه ولا يجوز غيره لأن الله أسم للذات الألهية بإعتبار أن الكل منه وإليه وجودا ورتبة وماهية والرحمن أسم له بإعتبار إفاضة الرحمة العامة أعنى الوجود على الممكنات والرحيم أسم له بإعتبار تخصيص كل ممكن بحصة من الرحمة وهي الوجود الخاص وما يتبعه من وجود كمالاته فلو لم يورد كذلك لم يكن على النهج الواقع ذوقا وشهودا عقلا ووجودا وأيضا لما كان المقصود تعليم وجه التيمن بأسمائه الحسنى وتقديمها عند كل ملم كان المناسب أن يبدأ من الأعلى فالأعلى إرشادا لمن يقتصر على واحد أن يقتصر على الأولى فالأولى وتقريرا في ذهن السامع لوجه التنزل أولا فأولا إنتهى ويؤيد بعضه بعض ما أسلفناه من الآثار والبعض الآخر في القلب منه شيء لأن تخصيص الرحمن بالوجود العام والرحيم بالكلمات تحكم غير مرضي وربما ينافي المأثور على انه لا معنى لإفاضة الوجود على الكل ألا تخصيص كل ممكن بحصة منه وهل يوجد في الخارج من النوع إلا الحصص الأفرادية فتخصيص الإفاضة بالرحمن والتخصيص بالرحيم على ما يلوح بمعزل عن التحقيق والعجب ممن فاته ذلك وأما عاشرا فلأن ما ذكروه في الجواب عن قول بني حنيفة بأنه غلو في الكفر فيكون الإطلاق غير صحيح لغة وشرعا فيه أنه إذا كان إطلاقه عليه تعالى شأنه مجازا كما زعموا وبالغلبة فكيف يقال أن إستعماله في حقيقته وأصل معناه خطأ لغة وقد ذهب السبكي إلى أن المخصوص به تعالى هو المعرف دون المنكر والمضاف لوروده لغيره ورد به على القول بأنه مجاز لا حقيقة له وأن صحة المجاز إنما تقتضي الوضع للحقيقة لا الإستعمال نعم هو في لسان الشرع يمنع إطلاقه على غيره مطلقا وإن جاز لغة كالصلاة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وبذلك صرح العز بن عبدالسلام وقيل إن رحمانا في البيت مصدر لا صفة مشبهة والمراد لا زلت ذا رحمة وفيه ما لا يخفى وأفهم كلامه أن الرحيم يوصف به غيره تعالى وهو المعروف لكن أخرج إبن أبي حاتم عن الحسن البصري أنه قال : الرحيم لا يستطيع الناس أن ينتحلوه ولعل مراده المعرف دون المنكر والمضاف فأفهم وأما الحادي عشر فلأن المحافظة على رؤوس الآي إنما تحسنكما قال الزمخشريبعد إيقاع المعاني على النهج الذي يقتضيه حسن النظم وإلتئامه فأما أن تهمل المعاني ويهتم للتحسين وحده فليس من قبيل البلاغة .
وقال الشيخ عبدالقاهر : اصل الحسن في جميع المحسنات اللفظية أن تكون الألفاظ تابعة للمعاني فمجرد المحافظة على الرؤوس لا يصير نكتة للتقديم إلا بعد أن يثبت أن المعاني إذا أرسلت على سجيتها كانت تقتضي التقديم على أن المحافظة لا تجري في كل سورة بل فيها ما يقتضي خلاف هذا كسورة الرحمن وأيضا هو مبني على أن الفاتحة أول نازل فروعي فيها ذلك ثم أطرد في غيرها وعلى أن البسملة آية من السورة ودون ذلك سور من حديد وعندي من باب الإشارة أن تأخير الرحيم لأنه صفة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم قال تعالى : بالمؤمنين رؤوف رحيم وبه عليه السلام كمال الوجود وبالرحيم تمت البسملة وبتمامها تم العالم خلفا وإبداعا وكان