وتسليم ما وجب في ترك الزكاة ومثله في ترك الصلاة وإن تعلقت بحقوق العباد لزم مع الندم والعزم إيصال حق العبد أو بدله إليه إن كان الذنب ظلما كما في الغضب والقتل العمد ولزم إرشادهإن كان الذنبإضلالا له والأعتذار إليه إن كان إيذاءا كما في الغيبة إذا بلغته ولا يلزم تفصيل ما اغتابه به إلا إذا بلغه على وجه أفحش والتحقيق أن هذا الزائد واجب آخر عن التوبة على ما قال إمام الحرمين من أن القاتل إذا ندم من غير تسليم نفسه للقصاص صحت توبته في حق الله تعالى وكان منعه القصاص من مستحقه معصية متجددة تتستدعي توبة ولا يقدح في التوبة عن القتل ثم قال : وربما لا تصح التوبة بدون الخروج من حق العبد كما في الغضب ففرق بينالقتل والغضب ووجهه لا يخفى على المتأمل ولم يختلف أهل السنة وغيرهم في وجوب التتوبة على أرباب الكبائر واختتلف في الدليل فعندنا السمع كهذه الآية وغيرها وحمل الأمر فيها على الرخصة والإيذان بقولها ودفع القنوط كما جوزه الآدمي احتمال وبني عليه عدم الإثابة عليها مما لا يكاد يقبل وعند المعتزلة العقل وأوجبت الجهمية التوبة عن الصغائر سمعا لا عقلا وأهل السنة على ذلك ومقتضى كلام النووي والمازني وغيرهما وجوبها حال التلبس بالمعصية وعبارة المازري اتفقوا على أن التوبة من جميع المعاصي واجبة وأنها واجبة على الفور ولا يجوز تأخيرها سواء كانت المعصية صغيرة أو كبيرة .
وفي شرح الجوهري أن التمادي على النذب بتأخير التوبة منه معصية واحدة ما لم يعتقد معاودته وصرحت المعتزلة بأنها واجبة على الفور حتى يلزم بتأخيرها ساعة إثم آخر تجب التوبة عنه وساعتين إثمان وهلم جرا بل ذكروا أن بتأخير التوبة على الكبيرة ساعة واحدة يكون له كبيرتان : المعصية وترك التوبة وساعتينأربع : الأوليان وترك التوبة على كل منهما وثلاث ساعات ثمان وهكذا وتصح عن ذنب دون ذنب لتحقق الندم والعزم على عدمالعود وخالف أبو هاشم محتجا بأن الندمعلى المعصية يجب أن يكون لقبحها وهو شامل لها كلها فلا يتحقق الندمعلى قبيح مع الأصرار على آخر .
وأجيب بأن الشامل للكل هو القبح لا خصوص قبح تلك المعصية وهذا الخلاف في غير الكافر إذا أسلم وتاب من كفره مع استدامته بعض المعاصي أما هو فتوبته صحيحة وإسلامه كذلك بالإجماع ولا يعاقب إلا عقوبةتلك المعصية نعم اختلف في أن مجرد إيمانه هل يعد توبة أم لابد من الندمعلى سالف كفره فعند الجمهور مجرد إيمانه توبة وقال الإمام والقرطبي : لا بد من الندم على سالف الكفر وعدم اشتراط العمل الصالح مجمع عليهعند الأئمة خلافالابن حزم وكذا تصح التوبة عن المعاصي إجمالا من غير تعيين المتوب عنه ولو لم يشق عليه تعيينه وخالف بعض المالكية فقال : إنما تصح إجمالا مما علم إجمالا وأما ما علم تفصيلا فلا بد من التوبة منه تفصيلا ولا تنتقض التوبة الشرعية بالعود فلا تعود عليه ذنوبه التي تاب منها بل العود والنقض معصية أخرى يجب عليه أن يتوب منها .
وقالالمعتزلة من شروط صحتها أن لا يعاود الذنب فإن عاوده انتقضت توبته وعادت ذنوبه لأن الندم المعتبر فيها لا يتحقق إلا بالأستمرار ووافقهم القاضي أبو بكر والجمهور على أن استدامة الندم غير واجبة بل الشرط أن لا يطرأ عليه ما ينافيه ويدفعه لأنه حينئذ دائم حكما كالإيمان حال النوم ويلزم من اشتراط الأستدامة مزيد الحرج والمشقة وقال الآدمي : يلزم أيضا اختلاف الصلوات وسائر العبادات ويلزم أيضا