وأن من لا وجود له في نفسه لا يمكنه الايجاد الذي هو إفاضة الوجود ألبتة ضرورة احتياجه إلى الموجد ابتداءا ودواما وهذا كاف في إبطال دعوى اللعين فلم يعمم الدعوى في تفردة تعالى بالالهية على أنه لوح اليه من حيث أنه لا فرق بين الايجاد والاعدام نوعين هما الاحياء والاماتة والقادر على إيجاد كل ممكن وإعدامه يلزمه أن يكون خارجا عن الممكنات واحدا من كل الوجوه لأن التعدد يوجب الامكان والافتقار كما برهن عليه في محله فعارضه اللعين بما أوهم أنه يجوز أن يكون الممكن لا ستغنائه عن الفاعل فيالبقاء كما عند بعض القاصرين من المتكلمين مفوضا إليه بعد إيجاده ما يستقل بإيجاد الغير وتدبير الغير وهذا قد خفى على الأذكياء فضلا عن الاغبياء وقال : أنا أحي وأميت وأبدى فعليه مشيرا إلى أن للدوام حكم الابتداء في طرف الاحياء وهو في ذلك مناقض نفسه من حيث لا يشعر إذ لو كان كذلك لم يكن التدبير مفوضا إلى غير البارى ولم يكن مستغنيا عن الموجد طرفة عين وإلا فليس العفو إحياءا إن سلم أن القتل إماتة فألزمه الخليل عليه السلام بأن القادر لا يفترق بالنسبة اليه الدوام والابتداء فان الله تعالى يأتى بالشمس من المشرق فأت بها أنت من المغرب منبها على المناقضة المذكورة مصرحا بأنه غالط في إسناد الفعل دواما إلى غير ما أسند اليه ابتداءا مظهرا لدى السامعين ما كان عسى أن يغبى على البعض فهذا كلام وارد على الخطابة والبرهان يتلقاه المواجه به طوعا أو كرها بالاذعان ليس فيه مجال للاعتراض سليم عن العراض وعليه يكون المجموع دليلا واحدا وليس من الانتقال إلى دليل آخر لما فيه من القيل والقال ولا من العدول إلى مثال أوضح حتى يقال كأنه قيل : ربى الذي يوجد الممكنات وأتى بالإحياء والإماتة مثالا فلما اعترض جاء بآخر أجلى دفعا للمشاغبة لانه مع أن فيه ما في الاول يرد عليه أن الكلام لم يسق هذا المساق كما لا يخفى هذا والله تعالى أعلم بحقائق كتابه المجيد فتدير .
وإنما أتى في الجملة الثانية بالاسم الكريم ولم يؤت بعنوان الربوبية كما أتى بها في الجملة الاولى بأن يقال : إن ربى ليكون في مقابلة أنا في ذلك القول مع ما فيه من الدلالة على ربوبيته تعالى له عليه السلام ولذلك المارد عليه اللعنة ففيه ترق عما في تلك الجملة مالترقى من الأرض إلى السماء وهو في هذا المقام حسن التأكيد بأن والامر للتعجيز والفاء الاولى للايذان بتعلق ما بعدها بما قبلها والمعنى إذا ادعيت الإحياء والإماتة لله تعالى وأخطأت أنت في الفهم أو غالطت فمريح البال ومزيح الالتباس والاشكال إن الله يأتى بالشمس الخ والباء للتعدية و من في الموضعين لابتداء الغاية متعلقة بما تقدمها من الفعل وقيل : متعلقة بمحذوف وقع حالا أي مسخرة أو منقادة فبهت الذي كفر أي غلب وصار مبهوتا منقطعا عن الكلام متحيرا لاستيلاء الحجة عليه وقرئ بهت بفتح الباء وضم الهاء وبهت بفتح الأولى وكسر الثانية وهما لغتان والفعل فيهما لازم وبهت بفتحهما فيجوز أن يكون لازما أيضا و الذي فاعله وأن يكون متعديا وفاعله ضمير إبراهيم و الذي مفعوله أي فغلب إبراهيم عليه السلام الكافر وأسكته وإيراد الكفر في حيز الصلة للاشعار بعلة الحكم قال الكيا : وفى الأية دليل على جواز المحاجة في الدين وإن كانت محاجة هذا الكافر كفرا والله لا يهدى القوم الظلمين .
258 .
- أي إلى مناهج الحق كما هدى أولياءه وقيل : لا يهديهم إلى طريق الجنة يوم القيامة أو كالذى مر على قرية عطف على سابقه والكاف إما اسمية بمعنى مثل معمولة لأ رأيت محذوفا أي أو أرأيت مثل الذي مر وإلى ذلك ذهب الكسائى والفراء وأبو على وأكثر