مهلكون من الغرام وهو الهلاك قال الشاعر : إن يعذب يكن غراما وإن يعط جزيلا فإنه لا يبالي والمراد مهلكون بهلاك رزقنا وقيل : بالمعاصي أو ملزمون غرامة بنقص رزقنا وقرأ الأعمش والجحدري وأبو بكر أئنا بالأستفهام والتحقيق والجملة على القراءتين بتقدير قول هو في حيز النصب على الحالية من فاعل تفكهون أي قائلين أو تقولون ذلك بل نحن محرومون .
67 .
- محدودون لا مجدودون أو محرومون الرزق كأنهم لما قالوا إنا مهلكون لهلاك رزقنا أضربوا عنه وقالوا : بل هذا أمر قدر علينا لنحوسة طالعنا وعدم بختنا أو لما قالوا : إنا ملزومون غرامة بنقص أرزاقنا أضربوا فقالوا : بل نحن محرومون الرزق بالكلية أفرءيتم الماء الذي تشربون .
68 .
- عذبا فراتا وتخصيص هذا الوصف بالذكر مع كثرة منافعه لأن الشراب أهم المقاصد المنوطة به ءأنتم أنزلتموه من المزن أي السحاب واحدته مزنة قال الشاعر : فلا مزنة ودقت ودقها ولا أرض أبقل إبقالها وقيل : هو السحاب الأبيض وماؤه أعذب أم نحن المنزلون .
69 .
- له بقدرتنا .
لو نشاء جعلناه أجاجا ملحا ذعاقا لا يمكن شربه من الأجيج وهو تلهب النار وقيل : الأجاج كل ما يلذع الفم ولا يمكن شربه فيشمل الملح والمر والحار فإما أن يراد ذلك أو الملح بقرينة المقام وحذفت اللام من جواب لو ههنا للقرينة اللفظية والحالية ومتى جاز حذف لم أر في قول أوس : حتى إذا الكلاب قال لها كاليوم مطلوبا ولا طلبا والقرينة حالية فأولى أن يجوز حذفها وحدها لذلك على ما قرره الزمخشري وقرر وجها آخر حاصله أن اللام لمجرد التأكيد فتناسب مقام التأكيد فأدخلت في آية المطعوم دون المشروب للدلالة على أن أمره مقدم على أمره وان الوعيد بفقده أشد وأصعب من قبل أن المشروب تبع له ألا يرى أن الضيف يسقى بعد أن يطعم وقد ذكر الأطباء أن الماء مبذرق ويؤيد ذلك تقديمه على المشروب في النظم الجليل وللإمام في هذا المقام كلام طويل اعترض به على الزمخشري وبين فيه وجه الذكر أولا والحذف ثانيا ولم أره أتى بما يشرح الصدر وخير منه عندي قول ابن الأثير في المثل السائر : إن اللام أدخلت في المطعوم دون المشروب لأن جعل الماء العذب ملحا أسهل إمكانا في العرف والعادة والموجود من الماء الملح أكثر من الماء العذب وكثيرا ما إذا جرت المياه العذبة على الأراضي المتغيرة التربة أحالتها إلى الملوحة فلم يحتج في جعل الماء العذب ملحا إلى زيادة تأكيد فلذا لم تدخل لام التأكيد المفيدة لزيادة التحقيق وأما المطعوم فإن جعله حطاما من الأشياء الخارجة عن المعتاد وإذا وقع يكون عن سخط شديد فلذا قرن باللام لتقرير إيجاده وتحقيق أمره انتهى .
فلو لا تشكرون .
70 .
- تحضيض على شكر الكل لأنه أفيد دون عذوبة الماء فقط كما ذهب إليه البعض .
نعم أخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان إذا شرب الماء قال : الحمد لله الذي سقانا فراتا برحمته ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا أفرءيتم النار التي تورون .
71 .
- أي تقدحونها وتستخرجونها من الزناد ءأنتم أشأتم شجرتها التي منها الزناد وهي المرخ والعفار وقيل :