نحن خلقناكم فلو لا تصدقون .
57 .
- تلوين للخطاب وتوجيه إلى الكفر بطريق الإلزام والتبكيت والفاء لترتيب التحضيض على ما قبلها أي فهلا تصدقون بالخلق بقرينة نحن خلقناكم ولما لم يحقق تصديقهم المشعر به قوله تعالى : ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله عملهم حيث لم يقترن بالطاعة والأعمال الصالحة بل اقترن بما ينبيء عن خلافه من الشرك والعصيان نزل منزلة العدم والإنكار فحضوا على التصديق بذلك وقيل : المراد فهلا تصدقون بالبعث لتقدمه وتقدم إنكاره في قولهم أئنا لمبعوثون فيكون الكلام إشارة إلى الإستدلال بالأبداء على الإعادة فإن من قدر عليها حتما والأول هو الوجه كما يظهر مما بعد إن شاء الله تعالى أفرأيتم ما تمنون أي ما تقذفونه في الأرحام من النطف وقرأ ابن عباس وأبو الثمال تمنون بفتح التاء من مني النطقة بمعنى أمناها أي أزالها بدفع الطبيعة ءأنتم تخلقونه أي تقدرونه وتصورونه بشرا سويا تام الخلقة فالمراد خلق ما يحصل منه على أن في الكلام تقديرا أو تجوزا وجوز إبقاء ذلك على ظاهره أي أأنتم تخلقونه وتنشئون نفس ذات ما تمنونه أم نحن الخالقون .
59 .
- له من غير دخل شيء فيه وأرأيتم قد مر الكلام غير مرة فيه ويقال هنا : إن اسم الموصول مفعوله الأول والجملة الأستفهامية مفعوله الثاني وكذا يقال فيم بعد من نظائره وما يعتبر فيه الرؤية بصرية تكون الجملة الأستفهامية فيه مستأنفة لا محل لها من الإعراب وجوز في أنتم أن يكون مبتدأ والجملة بعده خبره وأن يكون فاعلا لفعل محذوف والأصل أتخلقون فلما حذف الفعل انفصل الضمير واختاره أبو حيان و أم قيل : منقطعة لأن ما بعدها جملة فالمعنى بل أنحن الخالقون على أن الأستفهام للتقرير وقال قوم من النحاة : متصلة معادلة للهمزة كأنه قيل : أأنتم تخلقونه أم نحن ثم جيء بالخالقون بعد بطريق التأكيد لا بطريق الخبرية أصالة نحن قدرنا بينكم الموت قسمناه عليكم ووقتنا موت كل أحد بوقت معين حسبما تقتضيه مشيئتنا المبنية على الحكم البالغة وقرأ ابن كثير قدرنا بالتخفيف وما نحن بمسبوقين .
60 .
- أي لا يغلبنا أحد على أن نبدل أمثالكم أي على أن نذهبكم ونأتي مكانكم أشباهكم من الخلق فالسبق مجاز على الغلبة استعارة تصريحية أو مجاز مرسل على لازمه والظاهر كلام بعض الأجلة أنه حقيقة في ذلك إذا تعدى بعلى والجملة في موضع الحال من ضمير قدرنا وكأن المراد قدرنا ذلك ونحن قادرون على أن نميتكم دفعة واحدة ونخلق أشباهكم .
وننشئكم في ما لا تعلمون .
61 .
- من الخلق والأطوار التي لا تعدونها وقال الحسن : من كونكم قردة وخنازير ولعل اختيار ذلك لأن الآية تنحو إلى الوعيد والمراد ونحن قادرون على هذا أيضا وجوز أن يكون أمثالكم جمع مثل بفتحتين بمعنى الصفة لا جمع مثل بالسكون بمعنى الشبه كما في الوجه الأول أي ونحن نقدر على أن نغير صفاتكم التي أنتم عليها خلقا وخلقا وننشئكم في صفات لا تعلمونها وقيل : المعنى وننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا وقيل : المعنى وما يسبقنا أحد فيهرب من الموت أو يغير وقته الذي وقتناه على أن المراد تمثيل حال من سلم من الموت أو تأخر أجله عن الوثت المعين له بحال من طلبه طالب فلم يلحقه وسبقه وقوله تعالى : على أن نبدل الخ في موضع الحال من الضمير المستتر في مسبوقين أي حال كوننا قادرين