في سيرة أبي فظنوني ابن أبيك وظنوك ابن أبي فعملوا معك ما يعمل مع أبي وعملوا معي ما يعمل مع أبيك ولهذا ونحوه قيل : ولا ينفع الأصل من هاشم إذا كانت النفس من باهله أي لا ينفع في الأمتياز على ذوي الخصال السنية إذا كانت النفس في حد ذاتها باهلية ردية ومن الكمالات عرية فإن باهلة في الأصل اسم امرأة من همدان كانت تحت معن بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان فنسب ولده إليها وقيل : بنو باهلة وهم قوم معروفون بالخساسة وقيل : كانوا يأكلون بقية الطعام مرة ثانية وكانوا يأخذون عظام الميتة يطبخونها ويأخذون دسوماتها فاستنقصتهم العرب جدا حتى قيل لعربي أترضى أن تكون باهليا وتدخل الجنة فقال : لا إلا بشرط أن لا يعلم أهل الجنة أني بأهلي وقيل : إذا قيل للكلب ياباهلي عوى الكلب من شؤم هذا النسب ولم يجعلهم الفقهاء لذلك أكفاء لغيرهم من العرب لكن لا يخلو ذلك من نظر فإن النص أعني إن العرب بعضهم أكفاء لبعض لم يفصل مع أنه صلى الله عليه وسلّم كان أعلم بقبائل العرب وأخلاقهم وقد أطلق وليس كل بأهلي كما يقولون بل فيهم الأجواد وكون فصيلة منهم أو بطن صعاليك فعلوا ما فعلوا لا يسري في حق الكل اللهم إلا أن يقال : مدار الكفاءة وعدمها على العار وعدمه في المعروف بين الناس فمتى عدوا الباهلية عارا وشاع استنقاصها فيما بينهم وأبتها نفوسهم اعتبر ذلك وإن لم يكن عن أصل أصيل وهذا نظير ما ذكروا إذا اشترى الشخص دارا فتبين أن الناس يستشئمونها أنه بالخيار مع قول الجل منالعلماء بنفي الشؤم المتعارف بين الناس اعتبارا لكون ذلك مما ينقص الثمن بين الناس وإن لم يكن له أصل فتأمله وبالجملة شرف النسب مما اعتبر جاهلية وإسلاما أما جاهلية فأظهر من أن يبرهن عليه وأما إسلاما فيدل عليه اعتبار الكفاءة في النسب في باب النكاح على الوجه المفصل في كتب الفقه ولم يخالف في ذلك فيما نعلم إلا الإمام مالك والثوري والكرخي من الحنفية وبعض ما تقدم من الأخبار يؤيد كلامهم لكن أجيب عنه في محله وكذا يدل عليه ما ذكروه في بيان شرائط الإمامة العظمى من أنه يشترط فيها كون الإمام قرشيا وقد أجمعوا على ذلك كما قال الماوردي ولا اعتبار بضراز وأبي بكر الباقلاني حيث شذا فجوزاها في جميع الناس وقال الشافعية : فإن لم يوجد قرشي أي مستجمع لشروط الإمامة اعتبر كون الإمام كنانيا من ولد كنانة بن خزيمة فإن تعذر اعتبر كونه من بني إسماعيل عليه السلام فإن تعذر اعتبر كونه من جرهم لشرفهم بصهارة إسماعيل عليه السلام إلى غير ذلك ومع هذا كله فالتقوى فالاتكال على النسب وترك النفس وهواها من ضعف الرأي وقلة العقل ويكفي في هذا الفصل قوله تعالى لنوح E في ابنه كنعان : إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح وقوله E : سلمان منا أهل البيت فالحزم اللائق بالنسب أن يتقي الله ويكتسب منالخصال الحميدة ما لو كانت في غير نسيب لكفته ليكون قد زاد على الزبد شهدا وعلق على جيد الحسناء عقدا ولا يكتفي لمجرد الأنتساب إلى جدود سفلوا ليقال له : نعم الجدود لكن بئس ما خلفوا وقد ابتلى كثير من الناس بذلك فترى أحدهم يفتخر بعظم بال وهو عري كالأبرة من كل كمال ويقول : كان أبي كذا وكذا وذاك وصف أبيه فافتخاره به نحو افتخار الكوسج بلحية أخيه ومن هنا قيل : وأعجب شيء إلى عاقل أناس عن الفضل مستأخره