واختير في المفعول المقدر قرابة بعضكم من بعض وقوله تعالى : إن أكرمكم عند الله أتقاكم تعليل للنهي عن التفاخر بالأنساب المستفاد من الكلام بطريق الأستئناف الحقيقي كأنه قيل : إن الأكرم عند الله تعالى والأرفع منزلة لديه D في الآخرة والدنيا هو الأتقى فإن فاخرتم ففاخروا بالتقوى وقرأ ابن عباس أن بفتح الهمزة على حذف لام التعليل كأنه قيل : لم لا تتفاخروا بالأنساب فقيل : لأن أكرمكم عند اللهتعالى أتقاكم لا أنسبكم فإن مدار كمال النفوس وتفاوت الأشخاص هو التقوى فمن رام نيل الدرجات العلا فعليه بها .
وفي البحر أن ابن عباس قرأ لتعرفوا وأنأكرمكم بفتح الهمزة فاحتمل أن يكون أن أكرمكم الخ معمولا لتعرفوا وتكون اللام في لتعرفوا لام الأمر وهو أجود من حيث المعنى وأما أن كانتلام كي فلا يظهر المعنى إذ ليس جعلهم شعوبا وقبائل لأن يعرفوا أن أكرمهم عند الله تعالى أتقاهم فإن جعلت مفعولا لتعرفوا محذوفا أي لتعرفوا الحق لأن أكرمكم عند الله أتقاكم ساغ في اللام أن تكون لام كي أه وهو كما ترى .
إن الله عليم بكم وبأعمالكم خبير .
13 .
- بباطن أحوالكم وروي أنه لما كان يوم فتح مكة أذن بلال على الكعبة فغضب الحرث بن هشام وعتاب بن أسيد وقالا : أهذا العبد الأسود يؤذن على ظهر الكعبة فنزلت .
وعن ابن عباس سبب نزولها قول ثابت بن قيس لرجل لم يفسح له عند النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يا ابن فلانة فوبخه النبي E وقال : إنك لا تفضل أحدا إلا في الدين والتقوى ونزلت وأخرج أبو داود في مراسيله وابن مردويه والبيهقي في سننه عن الزهري قال : أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بني بياضة أن يزوجوا أبا هند امرأة منهم فقالوا : يا رسول الله أنزوج بناتنا موالينا فأنزل الله تعالى يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى الآية .
قال الزهري : نزلت في أبي هند خاصة وكان حجام النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وفي رواية ابن مردويه من طريق الزهري عن عروة عن عائشة أنه E قال : أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه ونزلت يا أيها الناس الآية في ذلك وعن يزيد بن شجرة مر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في سوق المدينة فرأى غلاما أسود يقول : من اشتراني فعلى شرط لا يمنعني عن الصلوات الخمس خلف رسول الله E فاشتراه رجل فكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يراه عند كل صلاة ففقده فسألأعنه صاحبه فقال : محموم فعاده ثم سأل عنه أيام فقال : هو لما به فجاءه وهو في ذمائه فتولى غسله ودفنه فدخل على المهاجرين والأنصار أمر عظيم فنزلت وفي القلب من صحة هذا شيء والله تعالى أعلم وقد دلت على أنه لا ينبغي التفاخر بالأنساب وبذلك نطقت الأخبار أخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان وعبد بن حميد والترمذي وغيرهم عن ابن عمر أن النبي A طاف يوم الفتح على راحلته يستلم الأركان بمحجنه فلما خرج لمك يجد مناخا فنزل على أيدي فخطبهم فحمد الله تعالى وأثنى عليه وقال : الحمد لله الذي أذهب عنكم عيبة الجاهلية وتكبرها يا أيها الناس الناس رجلان برتقي كريم على الله وفاجر شقي هين على الله الناس كلهم بنو آدم وخلق الله آدم من تراب قال الله تعالى : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى إلى قوله تعالى : خبير ثم قال : أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وأخرج البيهقي وابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : خطبنا رسول الله A في وسط أيام التشريق خطبة الوداع فقال : يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى إن أكرمكم عند الله أتقاكم ألا هل بلغت قالوا :