عكس المشهور في الأستعمال والنكتة في ذلك ما قيل : إنهمأولا في حال القتال مختلطون فلذا جمع أولا ضميرهم وفي حال الصلح متميزون متفارقون فلذا ثني الضمير وقرأ ابن أبي عبلة اقتتلتا بضمير التثنية والتأنيث كما هو الظاهر وقرأ زيد بن علي وعبيد بن عمير اقتتلا بالتثنية والتذكير باعتبار أن الطائفتين فريقان فإن بغت إحداهما تعدت وطلبت العلو بغير الحق على الأخرى ولم تتأثر بالنصيحة فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء أي ترجع إلى أمر الله أي إلى حكمه أو إلى ما أمر سبحانه به وقرأ الزهري حتى تفي بغير همز وفتح الياء وهو شاذ كما قالوا في مضارع جاء يجيء بغير همز فإذا أدخلوا الناصب فتحوا الياء أجروه مجرى بفي مضارع وفي شذوذا وفي تعليق القتال بالموصول للأشارة إلى علية ما في حيز الصلة أي فقاتلوها لبغيها فإن فاءت أي رجعت إلى أمره تعالى وأقلعت عن القتال حذرا من قتالكم فأصلحوا بينهما بالعدل بفصل ما بينهما على حكم الله تعالى ولا تكتفوا بمجرد متاركتهما عسى أن يكون بينهما قتال في وقت آخر وتقييد الأصلاح هنا بالعدل لأنه مظنة الحيف لوقوعه بعد المقاتلة وقد أكد ذلك بقوله تعالى : وأقسطوا أي أعدلوا في كل ما تأتون وما تذرون إن الله يحب المقسطين .
9 .
- فيجازيهم أحسنالجزاء وفي الكشاف في الأصلاح بالعدل والقسط تفاصيل إن كانت الباغية من قلة العدد بحيث لا منعة لها ضمنت بعد الفيئة ما جنت وأن كانت ذات منعة وشوكة لم تضمن إلا عند محمد ابن الحسن فإنه كان يفتي بأن الضمان يلزمها إذا فاءت وأما التجمع والتجند أو حين تتفرق عند وضع الحرب أوزارها فما جنته ضمنته عند الجميع فمحمل الأصلاح بالعدل على مذهب محمد واضح منطبق على لفظ التنزيل وعلى قول غيره وجهه أن يحمل على كون الفئة قليلة العدد والذي ذكروا من أن الفرض أماتة الضغائن وسل الأحقاد دون ضمان الجنايات ليس بحسن الطباق للمأمور به من أعمال العدل ومراعاة القسط قال في الكشف لأن ما ذكروه من إماتة الأضغان داخل في قوله تعالى : فإن فاءت لأنه من ضرورات التوبة فأعمال العدل والقسط إنما يكون في تدارك الفرطات ثم قال : والأولى على قول الجمهور أن يقال : الأصلاح بالعدل أنه لا يضمن من الطرفين فإن الباغي معصوم الدم والمال مثل العادل لا سيما وقد تاب فكما لا يضمن العادل المتلف لا يضمنه الباغي القائي هذا مقتضى العدل لا تخصيص الضمان بطرف دون آخر والآية نزلت في قتال وقع بين الأوس والخزرج أخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أنس قال : قيل للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم لو أتيت عبد الله بن أبي فانطلق إليه وركب حمارا وانطلق المسلمون يمشون وهي أرض سبخة فلما انطلق إليه قال : إليك عني فو الله لقد آذاني ريح حمارك فقال رجل من الأنصار : والله لحمار رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أطيب ريحا منك فغضب لعبد الله رجال من قومه فغضب لكل منهما أصحابه فكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنعال فأنزل الله تعالى فيهم وإن طائفتان الآية وفي رواية أن النبي E كان متوجها إلى زيارة سعد بن عبادة في مرضه فمر على عبد الله بن أبي بن سلوان فقال ما قال فرد عليه عبد الله ابن رواحة رضي الله تعالى عنه فغضب لكل أصحابه فتقاتلوا فنزلت فقرأها صلى الله تعالى عليه وسلم عليهم فاطلحوا وكان ابن رواحة خزرجيا وابن أبي أوسيا