باعتبار ما قيد به من الحال وهو قوله D : لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم أي لوقعتم في الجهد والهلاك فإنه حال من أحد الضميرين في فيكم الضمير المستتر المرفوع وهو ضمير الرسول أو البارز المجرور وهو ضمير المخاطبين وتقديم خبر أن للحضر المستتبع زيادة التوبيخ وصيغة المضارع للأستمرار فلو لامتناع استمرار طاعته E لهم في كثير مما يعن لهم من الأمور وكون المراد استمرار الأمتناع نظير .
قيل في قوله تعالى : ولا هم يحزنون من أن المراد استمرار النفي ليس بذاك وفي الكلام إشعار بأنهم ينوا بين يدي الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم الإيقاع بالحرث وقومه وقد أريد أن ينعى عليهم ذلك بتنزيلهم منزلة من لا يعلم أنه E بين أظهرهم فقيل : واعلموا أنه فيكم لا في غيركم كأنهم حسبوه لعدم تأدبهم وما بدر منهم الفرطة بين أظهر أقوام آخرين كائنا على حال يجب عليكم تغييرها أو وأنتم على كذلك وهو ما تريدون من استتباع رأيه لرأيكم وطاعته لكم مع أن ذلك تعكيس وموجب لوقوعكم في العنت وفيه مبالغات من أوجه : أحدهما إيثار لو ليدل على الفرض والتقدير وأن ما بدر من من التزيين كان من حقه أن يفرض كما يفرض الممتنعات والثاني ما في العدول إلى المضارع من تصوير ما كانوا عليه وتهجنه مع التوبيخ بإرادة استمرار ما حقه أن يكون مفروضا فضلا عن الوقوع والثالث ما في النعت من الدلالة على أشد المحذور فإنه الكسر بعد الجبر والرمز الخفي على أنه ليس بأول بادرة والرابع ما في تعميم الخطاب والجري به غير الكمل من التمريض ليكون أردع لمرتكبه وأزجر لغيره كأنه قيل : يا أيها الذين آمنوا تبينوا إن جاءكم فاسق ولا تكونوا أمثال هؤلاء ممن استفزه النبأ قبل تعرف صدقه ثم لا يقنعه ذلك حتى يريد أن يستتبع رأي من هو المتبوع على الأطلاق فيقع هو ويقع غيره في النعت والإرهاق واعلموا جلالة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وتفادوا عن أشباه هذه الهنات وقوله D : ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان استدراك على ما يقتضيه الكلام فإن لو يطيعكم خطاب كما سمعت للبعض الغير الكمل عمم للفوائد المذكور والمحبب إليهم الإيمان هم الكمل فكأنه قيل : ولكن الله حبب إلى بعضكم الإيمان وعدل عنه لنداء الصفة به وعليه قول بعض المفسرين هم الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى والإشارة بقوله تعالى أولئك هم الراشدون .
7 .
- إليهم وفيه نوع من الألتفات والخطاب فيه للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم كأنه تعالى يبصره E ما هم فيه من صبق الرشاد أي إصابة الطريق السوي فحاصل المعنى أنتم على الحال التي ينبغي لكم تغييرها وقد بدر منكم ما بدر ولكن ثم جمعا عما أنتم عليه من تصديق الكاذب وتزيين الإيقاع بالبريء وإرادة أن يتبع الحق أهواءكم برآء لأن الله تعالى حبب إليهم الإيمان الخ وهذا أولى من جعل لو يطيعكم الخ في معنى ما حبب إليهم الإيمان تغليظا لأن من تصدى للإيقاع بالبريء بين يدي الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم وجسر على ارتكاب تلك العظيمة لم يكن محبوبا إليه الإيمان وإن كان ذلك أيضا سديدا لشيوع التصرف في الأواخر في مثله وجعله بعضهم استدراكا بيانيا عذرهم فيما بدر منهم ومآل المعنى لم يحملكم على ما كان منكم اتباع الهوى ومحبة متابعة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لآرائكم بل محبة الإيمان وكراهة الكفر هي الداعية لذلك والمناسب لما بعد ما ذكرناه