النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : يا نبي الله حيا من أحياء العرب وكان في نفسه عليهم شيء وكان حديث عهد بالأسلام قد تركوا الصلاة وارتدوا وكفروا بالله تعالى فلم يعجل رسول الله E ودعا خالد بن الوليد فبعثه إليهم ثم قال : أرمقهم عند الصلوات فإن كان القوم قد تركوا الصلاة فشأنك بهم وإلا فلا تجعل عليهم فدنا منهم عند غروب الشمس فكمن حتى يسمع الصلاة فرمقهم فإذا هو بالمؤذن قد قام عند غروب الشمس فأذن ثم أقام الصلاة فصلوا صلاة المغرب فقال خالد : ما أراهم إلا يصلون فلعلهم تركوا صلاة غير هذه ثم كمن حتى إذا جنح الليل وغاب الشفق إذن مؤذنهم فصلوا فقال : لعلهم تركوا صلاة أخرى فكمن حتى إذا كان في جوف الليل تقدم حتى أطل الخيل بدورهم فإذا القوم تعلموا شيئا من القرآن فهم يتهجدون به من الليل ويقرؤنه ثم أتاهم عند الصبح فإذا المؤذن حين طلع الفجر قد أذن وأقام فقاموا وصلوا فلما انصرفوا وأضاء لهم النهار إذا هم بنواصي الخيل في ديارهم فقالوا : ما هذا قالوا : خالد بن الوليد قالوا : يا خالد ما شأنك قال : أنتم والله شأني أتى النبي صلى الله عليه وسلّم فقيل له : إنكم تركتم الصلاة وكفرتم بالله تعالى فجثوا يبكون فقالوا : نعوذ بالله تعالى أن نكفر أبدا فصرف الخيل وردها عنهم حتى أتى النبي A وأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا الآية قال الحسن : فو الله لئن كانت نزلت في هؤلاء القوم خاصة إنها المرسلة إلى يوم القيامة ما نسخها شيء والرواية السابقة أصح وأشهر وكلام صاحب الكشف مصرح بأن بعث خالد بن الوليد كان في قضية الوليد بن عقبة وأن النبي E بعثه إلى أولئك الحي من خزاعة بعد رجوع الوليد وقوله ما قال والقائل بذلك قال : إنهم سلموا إليه الصدقات فرجع والخطاب بقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا شامل للنبي A والمؤمنين من أمته الكاملين منهم محاسن آداب وغيرهم وتخصيص الخطاب بحسب ما يقع من الأمر بعده إذ يليق بحال بعضهم لا يخرجه عن العموم لوجوده فيما بينهم فلا تغفل والفاسق الخارج عن حجر الشرع من قولهم : فسق الرطب إذا خرج عن قشره قال الراغب : والفسق أعم من الكفر ويقع بالقليل من الذنوب وبالكثير لكن تعورف فيما كانت كثيرة وأكثر ما يقال الفاسق لمن التزم حكم الشرع وأقر به ثم أخل بجميع أحكامه أو ببعضها وإذا قيل للكافر الأصلي فاسق فلأنه أخل بحكم ما ألزمه العقل واقتضته الفطرة .
ووصف الأنسان به على ما قال ابن الأعرابي لم يسمع في كلام العرب والظاهر أن المراد به هنا المسلم المخل بشيء من أحكام الشرع أو المروءة بناء مقابلته بالعدل وقد اعتبر في العدالة عدم الأخلال بالمروءة والمشهور الأقتصار في تعريفه على الأخلال بشيء من أحكام الشرع فلا تغفل والتبين طلب البيان والتعرف وقريب منه التثبيت كما في قراءة ابن مسعود وحمزة والكسائي فثبتوا وهو طلب الثبات والتأني حتى يتضح الحال .
وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة أن النبي A قال يوم نزلت الآية : التثبت من الله تعالى والعجلة من الشيطان وتنكير فاسق للتعميم لأنه نكرة في سياق الشرط وهي كالنكرة في سياق النفي تفيد العموم كما قرر في الأصول وكذا نبأ وهو كما في القاموس الخبر وقال الراغب : لا يقال للخبر في الأصل نبأ حتى يكون ذا فائدة عظيمة يحصل به علم أو غلبة ظن وقوله تعالى : إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا تنبيه على أنه إذا كان الخبر شيئا عظيما وما له قدر فحقه أن يتوقف فيه وإن علم أو غلب صحته على الظن حتى يعاد النظر فيه ويتبين فضل تبين ولما كان رسول الله A والذين معه بالمنزلة التي لا يجسر أحد أن يخبرهم بكذب وما كان يقع مثل