المدلول أبطله بوجهين ونظم في سلكهما ثالثا يدل على الوصفية وفيه أن الوجه الأول قد أعترضته هو نفسه حيث قال في تعليقاته وفيه نظر إذ يكفي في وضع العلم تعقله بوجه يمتاز به عن غيره من غير أن يعتبر ما به الإمتياز في المسمى فيمكن وضع العلم لمجرد الذات المعقولة في ضمن بعض الصفات وقد تقرر في الكلام أنه يمكن أن يخلق الله تعالى العلم بكنه ذاته في البشر ولأنه إنما يتمشى إذا لم يكن الواضع هو الله تعالى والتحقيق أن تصوير الموضوع له بوجه ما كاف في وضع العلم وكذا في فهم السامع عند إستعماله إنتهى والمرء مؤاخذ بإقراره وهذا إكتفاء بأقل اللازم وإلا فالمحققون قدأبطلوا هذا الدليل بما لا مزيد عليه وأما الثاني ففيه إن لم نقل أن الآية من المتشابه أن العلم قد يلاحظ معه معنى به يصلح لتعلق الطرف كقولك أنت عندي حاتم وقوله : أسد علي وفي الحروب نعامة فتخاء تنفر من صفير الصافر فليلاحظ هنا المعبود بالحق لإشتهاره سبحانه بذلك في ضمن هذا الأسم المقدس على أنه يحتمل التعلق بيعلم في قوله تعالى يعلم سركم الآية والجملة خبر ثان أو هي الخبر ولفظ الله بدل والظاهر أن قوله ظاهر لهذا .
والثالث ففيه أن المنكر لإشتقاقه لا يسلم التوافق في المعنى على أنه لا يستلزم الوصفية أيضا وكون المدعي ظني فيكفي فيه الحدس من مثل ذلك لا يجدي نفعا إذ لنا أن نقول مثله والمنشأ أتم والظن أقوى والوجوه التي ذكرت في الإبطال ترهقها ذلة لأنها كلها متوجهة تلقاء الغلبة وهي وإن لم تكن تحقيقية ضعيفة بل تقديرية قوية لكنها على كل حال دون العلمية الأصلية قوة وشرفا فالعدول عن الأشرف في هذا الأسم الأقدس مما لا أسوغ الأقدام عليه ودون إثبات الداعي نفي الرقاد وخرط القتاد وقد رأيت بعض ذلك فالذي أرتضيه لا عن تقليد أن هذا الأسم الأعظم موضوع للذات الجامعة لسائر الصفات وإلى ذلك يشير كلام ساداتنا النقشبندية بلغنا الله تعالى ببركاتهم كل أمنية في الوقوف القلبي وهو أن يلاحظ الذاكر في قلبه كلما كرر سكر هذا الأسم الأقدس ذاتا بلا مثل وحققه الشيخ الأكبر قدس سره في مواضع عديدة من كتبه هذا وتفخيم اللام من هذا الأسم الكريم إذا أنفتح ما قبله أو أنضم طريقة معروفة عند القراء وقيل مطلقا وحذف ألفه لغة حكاها إبن الصلاح وفي التيسير إنها لغة ثابتة في الوقف دون الوصل والأفصح الإثبات حتى قال بعضهم إن الحذف لحن تفسد به الصلاة ولا ينعقد به صريح اليمين ولا يرتكب إلا في الضرورة كقوله : ألا لا بارك الله في سهيل إذا ما بارك الله في الرجال وقد اطال الشيخ قدس سره الكلام في الفتوحات عن أسرار حروفه وأتى بالعجب العجاب وفي ظهور الألف تارة وخفائها أخرى وسكون اللام أولا وتحركها ثانيا والختم باطنا بما به البدء ظاهرا وإشتمال الكلمة على متحرك وساكن وصالح لأن يظهر بأحد الأمرين إشارات لا تخفى على العارفين فأرجع إلى كتبهم فهم أعرف بالله تعالى منا سبحان من أحتجب بنور العظمة حتى تحيرت الأفهام في اللفظ الدال عليه إذ أنعكست له من تلك الأنوار أشعة بهرت أعين المستبصرين فلم يستطيعوا أن يمعنوا النظر فيه وإليه والقصور في القابل لا في الفاعل : توهمت قدما أن ليلى تبرقعت وأن حجابا دونها يمنع اللثما فلاحت فلا والله ما ثم حاجب سوى أن طرفي كان عن حسنها أعمى والرحمن الرحيم المشهور أنهما صفتان مشبهتان بنيتا لإفادة المبالغة وأنهما من رحم مكسور العين نقل إلى رحم