شاهد للتعظيم وبمدنية الآية ونزولها في ابن سلام والخطابات فيها مطلقا لكفار مكة وربما يظن عن بعض الروايات أنها لليهود وليس كذلك وهم المعنيون أيضا بالذين كفروا في قوله تعالى : وقال الذين كفروا إلى آخره وهو حكاية لبعض آخر من أقاويلهم الباطلة في حق القرآن العظيم والمؤمنين به وفيه تحقيق لاستكبارهم أي وقال كفار مكة : للذين آمنوا أي لأجلهم وفي شأنهم فاللام للتعليل كما سمعت في قال الذين كفروا للحق .
وقيل : هي لام المشافهة والتبليغ والتفتوا في قولهم : لو كان أي ما جاء به صلى الله تعالى عليه وسلم من القرآن وقيل : الإيمان خيرا ما سبقونا إليه ولولاه لقالوا بسبقتمونا بالخطاب أو لما سمعوا أن جماعة آمنوا خاطبوا جماعة أخرى من المؤمنين أي قالوا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقنا إليه أولئك الذين بلغنا إيمانهم .
وتعقب بأن هذا ليس من مواطن الألتفات وكونهم قصدوا تحقير المؤمنين بالغيبة لا وجه له وكون المشافهين طائغة من المؤمنين والمخبر عنهم طائفة أخرى خلاف الظاهر فالأولى كونها للتعليل وقالوا ذلك لما رأوا أن أكثر المؤمنين كانوا فقراء ضعفاء كعمار وصهيب وبلال وكانوا يزعمون أن الخير الديني يتبع الخير الدنيوي وأنه لا يتأهل للأول إلا من كان له القدح المعلى من الثاني ولذا قالوا : لو لا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم وخطؤهم في ذلك مما لا يخفى .
وأخرج ابن المنذر عن عون بن أبي شداد قال : كانت لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أمة أسلمت قبله يقال لها زنيرة فكان رضي الله تعالى عنه يضربها على إسلامها وكان كفار قريش يقولون : لو كان خيرا ما سبقتنا إليه زنيرة فأنزل الله تعالى في شأنها وقال الذين كفروا الآية ولعلهملم يريدوا زنيرة بخصوصها بل من شابهها أيضا وفي الآية تغليب المذكر على المؤنث وقال أبو المتوكل : أسلم أبو ذر ثم أسلمت غفار فقالت قريش ذلك وقال الكلبي والزجاج قال ذلك بنو عامر بن صعصعة وغطفان وأسد وأشجع لما أسلم أسلم وجهينة ومزينة وغفار وقال الثعلبي : هي مقالة اليهود حينأسلم ابن سلام وأصحابه منهم ويلزم عليه القول بأن الآية مدنية وعدها في المستثنيات أو كون قال فيها كنادي في قوله تعالى : ونادى أصحاب الأعراف وهذا كما ترى والمعول عليه ما تقدم وإذ لم يهتدوا به أي بالقرآن وقيل : بالرسول صلى الله تعالى عليه وسلم و إذ على ما اختاره جار الله ظرف لمقدر دل عليه السابق واللاحق أي وإذ لم يهتدوا به ظهر عنادهم واستكبارهم وقوله تعالى : فسيقولون هذا إفك قديم .
11 .
- أي يتحقق منهم هذا القول والطعن حينا فحينا كما يؤذن بذلك صيغة المضارع مسبب عن العناد والأستكبار وإذا جاز مثل حينئذ الآن أي كان ذلك حينئذ وأسمع الآن بدليل قرينة الحال فهذا أجوز والإشارة إلى القرآن العظيم وقولهم : ذلك فيه كقولهم : أساطير الأولين ولم يجوز أن يكون فسيقولون عاملا في الظرف لتدافع دلالتي المضي والأستقبال وإنما لم يجعله من قبيل فسوف يعلمون إذ الأغلال نظما للمستقبل في سلك المقطوع كما اختاره ابن الحاجب في الأمالي لأن المعنى ههنا كما في الكشف على أن عدم الهداية محقق واقع لا أنه سيقع البتة ألا ترى إلى قوله تعالى : وقال الذين كفروا للذين آمنوا بعد ما بين استكبارهم وعنادهم كيف ينص على