وانطوت على البراهين الساطعة والنصوص اللامعة في المبدأ والمعاد واللام للأختصاص وتقديم الخبر لتأكيده وتعريف الحمد للأستغراق أو الجنس والجملة إخبار عن الإستحقاقه تعالى لما تدل عليه وجوز أن يراد الإنشاء وتمام الكلام قد تقدم في الفاتحة وفي التفريع المذكور على ما قال بعض الأجلة إشارة إلى أن كفرهم لا يؤثر شيئا في ربوبيته تعالى ولا يسد طريق إحسانه ورحمته D .
ومن يسد طريق العارض الهطل .
وإنما هم ظلموا أنفسهم وإجراء ما أجرى من الصفات الدالة على إنعامه تعالى عليه D كالدليل على استحقاقه تعالى الحمد واختصاصه به جل وعلا وقوله تعالى : رب العالمين بدل مما قبل وفي تكرير لفظ الرب تأكيد وإيذان بأن ربوبيته تعالى لكل بطريق الأصالة وقرأ ابن محيصن برفعه على المدح بلإضمار هو وله الكبرياء فيه من الأختصاص ما في لله الحمد والكبرياء قال ابن الأثير : العظمة والملك وقال الراغب : الترفع عن الأنقياد وقيل : هي عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود وقوله تعالى : في السماوات والأرض في موضع الحال أو متعلق بالكبرياء والتقييد بذلك لظهور آثار الكبرياء وأحكامها فيه والإظهار في مقام الإضمار لتفخيم شأن الكبرياء وفي الحديث القدسي الكبرياء ردائي والعظمةإزاري فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النار أخرجه الإمام أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه وابن أبي شيبة والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة وهو ظاهر في عدم الكبرياء والعظمة فلا تغفل وهو العزيز الذي لا يغلب الحكيم .
37 .
- في كل ما قضى وقدر وفي هذه الجمل إرشاد على ما قيل إلى أوامر جليلة كأنه قيل : له الحمد فاحمدوه تعالى وله الكبرياء فكبروه سبحانه وهو العزيز الحكيم فأطيعوه D وجعلها بعضهم مجازا أو كناية عن الأوامر المذكورة والله تعالى أعلم هذا ولم أظفر من باب الإشارة بما يتعلق بشيء من آيات هذه السورة الكريمة يفي بمؤنة نقله غير ما يتعلق بقوله تعالى : وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه من جعله إشارة إلى وحدة الوجود وقد مر ما ينبغي عن نقله والله D ولي التوفيق .
سورة الأحقاف .
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير أنها نزلت بمكة فأطلق غير واحد القول بمكيتها من غير استثناء واستثنى بعضهم قوله تعالى : قل أرأيتم إن كان من عند الله الآية فقد أخرج الطبراني بسند صحيح عن عوف بن مالك الأشجعي أنها نزلت في قصة إسلام عبد الله بن سلام وروي ذلك عن محمد بن سيرين .
وفي الدر المنثور أخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن سعد ابن وقاص أنه قال : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول لأحد يمشي على وجه الأرض : إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام وفيه نزلت وشهد شاهد من بني إسرائيل وفي نزولها فيه رضي الله تعالى عنه أخبار كثيرة وظاهر ذلك أنها مدنية لأن إسلامه فيها بل في الأخبار ما يدل على مدنيتها من وجه آخر وعكرمة ينكر نزولها فيه ويقول : هي مكية كما أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عنه وكذا مسروق فقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أنه قال في الآية : والله ما نزلت في عبد الله بن سلام ما نزلت إلا بمكة وإنما كان إسلام ابن سلام بالمدينة وإنما كانت خصومة خاصم بها محمد A واستثنى بعضهم والذي قال لوالديه الآيتين وزعم مروان