ولولا كقرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي وما يبكون مثل أخي ولكن أعزي النفس عنه بالتأسي فهؤلاء يؤسيهم اشتراكهم ولا يروحهم لعظم ما هم فيه أو لن ينفعهم من حيث التشفي أي لن يحصل لكم التشفي بكون قرنائكم معذبين مثلكم حيث كنتم تدعون عليهم بقولكم : ربنا آتهم ضعفين من العذاب ولعنهم لعنا كبيرا وقولكم : فآتهم عذابا ضعفا من النار لتتشفوا بذلك واعترض على الوجه الأول من هذه الأوجه الثلاثة بأن الأنتفاع بالتعاون في تحمل أعباء العذاب ليس ما يخطر ببالهم حتى يرد عليهم بنفيه وأجيب بأنه غير بعيد أن يخطر ذلك ببالهم لمكان المقارنة والصحبة والغريق يتشبث بالحشيش والطمآن يحسب السراب شرابا .
وقرأابن عامر إنكم بكسر العمزة وهو تقوي ما ذكر أولا من إضمار الفاعل وتقديراللام في أنكم معنى ولفظا لأنه لا يمكن أن يكون فاعلا فيتعين الإضمار ولأن الجملة عليها تكون استئنافا تعليليا في ناس بتقدير اللام لتتوافق القراءتان وقوله تعالى : أفأن تتسمع الصم أو تهدي العمي إنكار تعجيب من أن يكون صلى الله تعالى عليه وسلم هو الذي يقدر على هدايتهم وهم قد تمرنوا في الكفر واعتادوه واستغرقوا في الضلال بحيث صار ما بهم من العشي عمي مقرونا بالصمم ومن كان في ضلال مبين .
40 .
- عطف على العمي باعتبار تغايرالوصفين أعني العمى والضلال بحسب المفهوم وإن اتحدا مآلا ومدارالإنكار هو التمكن والأستقرار في الضلال المفرط الذي لا يخفى لا توهم القصور منه E ففيه رمز إلى أنه لا يقدرعلى ذلك إلا الله تعالى وحدهب القسر والإلجاء وقد كان صلى الله تعالى عليه وسلم يبالغ في المجاهدة في دعاء قومه وهم لا يزيدون إلا غيا وتعاميا عما يشاهدونه من شواهد النبوة وتصاما عما يسمعونه من بينات القرآن فنزلت أفأنت الخ فإما نذهبن بك فإن قبضناك قبل أن نبصرك عذابهم ونشفي صدرك وصدورالمؤمنين فأنا منهم منتقمون .
41 .
- لا محالة في الدنيا والآخرة واقتصر بعضهم على عذاب الآخرة لقوله تعالى في آية أخرى : أو نتوفينك فإلينا يرجعون والقرآن يفسر بعضه بعضا وما ذكرنا أتم فائدة وأوفق بإطلاق الأنتقام وأما تلك الآية فليس فيها ذكره وما مزيدة للتأكيد وهي بمنزلة لام القسم في استجلاب النون المؤكدة .
أو نرينك الذي وعدناهم أي أو أردنا أن نريك العذاب الذي وعدناهم فأنا عليهم مقتدرون .
42 .
- يحيث لا مناص لهم من تحت ملكنا وقهرنا واعتبار الإرادة لأنها أنسب بذكر الأقتدار بعد وفي التعبير بالوعد وهو سبحانه لا يخلف الميعاد إشارة إلى أنه هو الواقع وكذا كان إذ لم يفلت أحد من صناديدهم في بدر وغيرها إلا منتحصن بالأيمان وقريء نرينك بالنون الخفية فاستمسك بالذي أوحي إليك أنك على صراط مستقيم .
43 .
- تسلية له صلى الله تعالى عليه وسلم وأمر له E أو لأمته بالدوام على التمسك بالآيات والعمل بها والفاء في جواب شرط مقدر أي إذا كان أحد هذين الأمرين واقعا لا محالة فاستمسك بالذي أوحيناه إليك وقوله تعالى : إنك الخ للأستمساك أو للأمر به