خير يتضمن كونه حلالا إذ لا يسمى ما عداه خيرا وإنما تعرض لذلك وليس في السؤال مايقتضيه لأن السؤال للتعلم لا للجدل وحق المعلم فيه أن يكون كطبيب رفيق يتحرى ما فيه الشفاء طلبه المريض أم لم يطلبه ولما كانت حاجتهم إلى من بنفق عليه كحاجتهم إلى ما ينفق بين الأمرين وهذا كمن به صفراى فأستأذن طبيبا في أكل العسل فقال : كله مع الخل فالكلام إذا من أسلوب الحكيم ويحتمل أن يكون في الكلام ذكر المصرف أيضا كما تدل عليه الرواية الأولى في سبب النزول إلا أنه لم يذكره في الآية للإيجاز في النظم تعويلا على الجواب فتكون الآية جوابا لأمرين مسئول عنهما والإقتصار في بيان المنفق على الإجمال من غير تعرض للتفصيل كما في بيان المصرف للإشارة إلى كون الثاني أهم وهل تخرج الآية بذلك عن كونها من أسلوب الحكيم أم لا قولان أشهرهما الثاني حيث أجيب عن المتروك صريحا أو عن المذكور تبعا والأكثرون على أن الآية في التطوع وقيل : في الزكاة وأستدل بها من أباح صرفها للوالدين وفيه أن عموم خير مما ينافي في كونها في الزكاة لأن الفرض فيها قدر معين بالإجماع ولم يتعرض سبحانه للسائلين و الرقاب إما إكتفاءا بما ذكر في المواضع الأخر وإما بناءا على دخولهم تحت عموم قوله تعالى : وما تفعلوا من خير فإنه شامل لكل خير واقع في أي مصرف كان وما شرطية مفعول بهلتفعلواوالفعل أعم من الإنفاق وأتى بما يعم تأكيدا للخاص الواقع في الجواب .
فإن الله به عليم 512 يعمل كنهه كما يشير به صيغة فعيل مع الجملة الإسمية المؤكدة والجملة جواب الشرط بإعتبار معناها الكنائي إذ المراد منها توفية الثواب وقيل : إنها دليل الجواب وليست به ومناسبة هذه الآية لما قبلها هو أن الصبر على النفقة وبذل المال من أعظم ما تحلى به المؤمن وهو من أقوى الأسباب الموصلة إلى الجنةحتى ورد الصدقة تطفيء غضب الرد كتب عليكم القتال أي قتال الكفار وهو فرض عين إن دخلوا بلادنا وفرض كفاية إن كانوا ببلادهم وقريء بالبناء للفاعل وهو الله عزوجل ونصب القتال وقريء أيضا كتب عليكم القتل أي قتل الكفرة وهو كره لكم عطف على كتب وعطف الأسمية على الفعلية جائز كما نص عليه وقيل : الواو للحال والجملة حال ورد بأن الحال المؤكدة لا تجيءبالواووالمنتقلة لا فائدةفيها والكره بالضمكالكره بالفتحوبهما قريء الكراهة وقيل : المفتوح المشقة التي تنال الإنسان من خارج والمضموم ما يناله من ذاته وقيل : المفتوح أسم بمعنى الإكراه والمضموم بمعنى الكراهة وعلى كل حال فإن كان مصدرا فمؤل أو محمول على المبالغة أو هو صفة كخبز مخبوز وإن كان بمعنى الإكراه وحمل على الكره عليه فهو على التشبيه البليغ كأنهم أكرهوا عليه لشدته وعظم مشقته ثم كون القتل مكروها لا ينافي الإيمان لأن تلك الكراهية طبيعية لما فيه من القتل والأسر وإفناء البدن وتلف المال وهي لا تنافي الرضا بما كلف به كالمريض الشارب للدواء البشع يكرهه لما فيه من البشاعة ويرضى به من جهة أخرى