ولما رأيت النسر عزإبن داية وعشش في وكريه جاش له صدري قالوا : ولكل وجه أما عدم الصرف فلصيرورة الكلمتين بالتركيب كلمة بالتسمية فكانكطلحةمفردا وهو غير منصرف وأما الصرف فلأن المضاف إليه في أصله أسم جنسوالمضاف كذلكوكل منهما بإنفراده ليس بعلم وإنما العلم مجموعهما فلا يؤثر التعريف فيه : ولا يكون لمنع الصرف مدخل فليحفظ وبالجملة المعول عليه أن رمضان وحده علم وهو علم جنس لما علمت ومنع بعضهم أن يقال : رمضان بدون شهر لما أخرجه إبن أبي حاتم وأبو الشيخ وإبن عدي والبيهقي والديلمي عن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا لا تقولوا : رمضان فإن رمضان أسم من أسماء الله تعالى ولكن قولوا : شهر رمضان وإلى ذلك ذهب مجاهدوالصحيح الجوازفقد روى ذلك في الصحيحوالإحتياط لا يخفىوإنما سمى الشهر به لأن الذنوب ترمض فيهقاله إبن عمروروى ذلك أنس وعائشة مرفوعا إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وقيل : لوقوعه أيام رمض الحر حيث نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة وكان أسمه قبل ناتقا ولعل ما روى عنه صلى الله تعالى عليه وسلم مبين لما ينبغي أن يكون وجه التسمية عند المسلمين وإلا فهذا الأسم قبل فرضية الصيام بكثير على ما هو الظاهر الذي أنزل فيه القرآن أي إبتديء فيه إنزالهوكان ذلك ليلة القدرقاله إبن إسحاق وروى عن إبن عباس رضي الله تعالى عنهما وإبن جبير والحسن أنه نزل فيه جملة إلى السماء الدنيا ثم نزل منجما إلى الأرض في ثلاث وعشرين سنة وقيل : أنزل في شأنه القرآن وهو قوله تعالى : كتب عليكم الصيام وأخرج ألإمام أحمد والطبراني من حديث وائلة بن الأسقع عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : نزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين والإنجيل لثلاث عشرة والقرآن لأربع وعشرين ولما كان بين الصوم ونزول الكتب الآلهية مناسبة عظيمة كان هذا الشهر المختص بنزولها مختصا بالصوم الذي هو نوع عظيم من آيات العبودية وسبب قوي في إزالة العلائق البشرية المانعة عن إشراق الأنوار الصمدية .
هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان حالان لازمان من القرآن والعامل فيهما أنزل أي أنزل وهو هداية للناس بإعجازه المختص به كما يشعر بذلك التنكير وآيات واضحات من جملة الكتب الآلهية الهادية إلى الحق والفارقة بين الحق والباطل بإشتمالها على المعارف الآلهية والأحكام العملية كما يشعر بذلك جعله بينات منه فهو هاد بواسطة أمرين مختص وغير مختص فالهدى ليس مكررا وقيل : مكرر تنويها وتعظيما لأمره وتأكيدا لمعنى الهداية فيه كما تقول عالم تحرير فمن شهد منكم الشهر فليصمه من شرطية أو موصولة والفاء إما جواب الشرط أو زائدة في الخبر و منكم في محل نصب على الحال من المستكن في شهد والتقييد به لإخراج الصبي والمجنون و شهد من الشهود والتركيب يدل على الحضور إما ذاتا أو علما وقد قيل : بكل منهما هنا و الشهر على الأول مفعول فيه والمفعول به متروك لعدم تعلق الغرض به فتقدير البلد أو المصر ليس بشيء وعلى الثاني مفعول به بحذف المضاف أي هلال الشهروألفيه على التقديرين للعهد ووضع المظهر موضع المضمر للتعظيم ونصب الضمير المتصل فييصمهعلى الإتساع لأن صام لازم والمعنى فمن حضر في الشهر ولم يكن مسافرا فليصم فيه أو من علم هلال الشهر وتيقن به فليصم ومفاد الآية على هذا عدم وجوب