في صحة النسخ بها عند أئمتنا قدس الله أسرارهم بل قال البعض : إنها من المتواتر وأن التواتر قد يكون بنقل من لا يتصور تواطؤهم على الكذب وقد يكون بفعلهم بأن يكونوا عملوا به من غير نكير منهم على أن النسخ في الحقيقة بآية المواريث والأحاديث مبينة لجهة نسخها وبين فخر الإسلام ذلك بوجهين .
الأول .
أنها نزلت بعد آية الوصية بالأتفاق وقد قال تعالى : من بعد وصية يوصى بها أو دين فرتب الميراث على وصية منكرة والوصيةال كانت معهودة فلو كانت تلك الوصية باقية لوجب ترتيبه على المعهود فلما لم يترتب عليه ورتب على المطلق دل على نسخ الوصية المقيدة لأن الإطلاق بعد التقييد نسخ كما أن التقييد بعد الإطلاق كذلك لتغاير المعنيين .
والثاني .
أن النسخ نوعان أحدهما إبتداء بعد إنتهاء محض والثاني بطريق الحوالة من محل إلى آخر كما في نسخ القبلة وهذا من قبيل الثاني لأن الله تعالى فرض الإيصاء في الأقربين إلى العباد بشرط أن يراعوا الحدود ويبينوا حق كل قريب بحسب قرابته وإليه الإشارة بقوله تعالى : بالمعروف أي بالعدل ثم لما كان الموصى قد لا يحسن التدبير في مقدار ما يوصى لكل واحد منهم وربما كان يقصد المضارة تولي بنفسه بيان ذلك الحق على وجه تيقن به أنه الصواب وأن فيه الحكمة البالغة وقصره على حدود لازمة من السدس والثلث والنصف والثمن لا يمكن تغيرها فتحول من جهة الإيصاء إلى الميراث فقال : يوصيكم الله في أولادكم أي الذي فوض إليكم تولى شأنه بنفسه إذ عجزتم عن مقاديره لجهلكم ولما بين بنفسه ذلك الحق بعينه إنتهى حكم تلك الوصية لحصول المقصود بأقوى الطرق كمن أمره غيره بإعتاق عبده ثم أعتقه بنفسه فإنه بذلك إنتهى حكم الوكالة وإلى ذلك تشير الأحاديث لما أن الفاء تدل على سببية ما قبلها لما بعدها فما قيل : إن من أن آية المواريث لا تعارض هذا الحكم بل تحققه من حيث تدل على تقديم الوصية مطلقا والأحاديث من الآحاد وتلقي الأمة لها بالقبول لا تلحقها بالمتواتر ولعله أحترز عن النسخ من فسر الوصية بما أوصى به الله D من توريث الوالدين والأقربين بقوله سبحانه يوصيكم الله أو بإيصاء المحتضر لهم بتوفير ما أوصى به الله تعالى عليهم على ما فيه بمعزل عن التحقيق وكذا ما قيل : من أن الوصية للوارث كانت واجبة بهذه الآية من غير تعيين لأنصبائهم فلما نزلت آية المواريث بيانا للأنصباء بلفظ الإيصاء فهم منها بتنبيه النبي أن المراد منه هذه الوصية التي كانت واجبة كأنه قيل : إن الله تعالى أوصى بنفسه تلك الوصية ولم يفوضها إليكم فقام الميراث مقام الوصية فكان هذا معنى النسخ لا أن فيها دلالة على رفع ذلك الحكم لأن كون آية المواريث رافعة لذلك الحكم مبينة لإنتهائه مما لا ينبغي أن يشتبه على أحد ثم إن القائلين بالنسخ أختلفوا فمنهم من قال : إن وجوبها صار منسوخا في حق الأقارب الذين يرثون وبقى في حق الذين لا يرثون من الوالدين والأقربين كأن يكونوا كافرين وإليه ذهب إبن عباس رضي الله تعالى عنه وروى عن علي كرم الله تعالى وجهه من لم يوص عند موته لذوي قرابته ممن لا يرث فقد ختم عمله بمعصية ومنهم من قال : إن الوجوب صار منسوخا في حق الكافة وهي مستحبة في حق الذين لا يرثون وإليه ذهب الأكثرون وأستدل محمد بن الحسن بالآية على أن مطلق الأقربين لا يتناول الوالدين لعطفه عليه حقا على المتقين 081 مصدر مؤكد للحدث الذي دل عليه كتب وعامله إما كتب أو حق محذوفا أي حق ذلك حقا فهو على طرز قعدت جلوسا ويحتمل أن يكون مؤكدا لمضمون جملة كتب عليكم وإن أعتبر إنشاء فيكون على طرزله على ألفعرفا وجعله صفة