نزول الآية وكذا الأمراض وموت الأولاد موجودان قبل فلا معنى للوعد بالإبتلاء بذلك وكذا لا معنى للتعبير عن الزكاةوهي النمو والزيادةبالنقص وأجيب بأن كون قلوب المؤمنين مشحونة بالخوف قبل لا ينافي إبتلاءهم في الإستقبال بخوف آخر فإن الخوف يتضاعف بنزول الآيات وكذا الأمراض وموت الأولاد أمور متجددة يصح الإبتلاء بها في الآتي من الأزمان والتعبير عن الزكاةبالنقصلكونها نقصا صورةوإن كانت زيادة معنىفعند الإبتلاء سماها نقصا وعند الأمر بالأداء سماها زكاة يسهل أداؤها وبشر الصابرين 551 خطاب للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم أو لكل من تتأتى منه البشارة والجملة عطف على ما قبلها عطف المضمون على المضمون من غير نظر إلى الخبرية والإنشائيةوالجامع ظاهركأنه قيل : الإبتلاء حاصل لكموكذا البشارةولكن لمن صبر منكم وقيل : على محذوف أي أنذر الجازعين وبشر وفي توصيف الصابرين بقوله تعالى : الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون 651 إشارة إلى أن الأجر لمن صبر وقت إصابتها كما في الخبر إنما الصبر عند أول صدمة والمصيبة تعم ما يصيب الإنسان من مكروه في نفس أو مال أو أهلقليلا كان المكروه أو كثيراحتى لدغ الشوكة ولسع البعوضة وإنقطاع الشسع وإنطفاء المصباح وقد أسترجع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من ذلك وقال : كل ما يؤذي المؤمن فهو مصيبة له وأجر وليس الصبر بالإسترجاع باللسان بل الصبر باللسان وبالقلب بأن يخطر بباله ما خلق لأجله من معرفة الله تعالى وتكميل نفسه وأنه راجع إلى ربه وعائد إليه بالبقاء السرمدي ومرتحل عن هذه الدنيا الفانية وتارك لها على علاتها ويتذكر نعم الله تعالى عليه ليرى ما أعطاه أضعاف ما أخذ منه فيهون على نفسه ويستسلم له والصبر من خواص الإنسان لأنه يتعارض فيه العقل والشهوة والإسترجاع من خواص هذه الأمة فقد أخرج الطبراني وإبن مردويه عن إبن عباس رضي الله تعالى عنه قالك قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : أعطيت أمتي شيئا لم يعطه أحد من الأمم أن تقول عند المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون وفي رواية أعطيت هذه الأمة عند المصيبة شيئا لم تعطه الأنبياء قبلهم إنا لله وإنا إليه راجعون ولو أعطيها الأنبياء قبلهم لأعطيها يعقوب إذ يقول : يا أسفا على يوسف ويسن أن يقول بعد الإسترجاع : اللهم آجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها فقد أخرج مسلم عن أم سلمة قالت : سمت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول : ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم آجرني إلخ إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيرا منها قالت فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأخلف الله تعالى لي خيرا منه رسول الله ومفعول بشر محذوف أي برحمة عظيمة وإحسان جزيل بدليل قوله تعالى : أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة الصلاة في الأصل على ما عليه أكثر أهل اللغة الدعاء ومن الله تعالى الرحمة وقيل : الثناء وقيل : التعظيم وقيل : المغفرة وقال : الإمام الغزالي : الإعتناء بالشأن ومعناها الذي يناسب أن يراد هنا سواء كان حقيقيا أو مجازيا الثناء والمغفرة لأن إرادة الرحمة يستلزم التكرار ويخالف ما روى نعم العدلان للصابرين الصلاة والرحمة وحملها على التعظيم والإعتناء بالشأن يأباهما صيغة الجمع ثم إن جوزنا إرادة المعنيين بتجويز عموم المشترك أو الجمع بين الحقيقة والمجاز أو بين المعنيين المجازيين يمكن إرادة المعنيين المذكورين كليهما وإلا فالمراد أحدهما