إلى أن رأيت في بعض ليالي الجمعة من رجب الأصم سنة الألف والمائتين والأثنتين والخمسين بعد هجرة النبي رؤية لا أعدها أضغاث أحلام ولا أحسبها خيالات أوهام إن الله جل شأنه وعظم سلطانه أمرني بطي السموات والأرض ورتق فتقهما على الطول والعرض فرفعت يدا إلى السماء وخفضت الأخرى إلى مستقر الماء ثم أنتبهت من نومتي وأنا مستعظم رؤيتي فجعلت أفتفش لها عن تعبير فرأيت في بعض الكتب أنها إشارة إلى تأليف تفسير فرددت حينئذ على النفس تعللها القديم .
وشرعت مستعينا بالله تعالى العظيم .
وكأني إن شاء الله تعالى عن قريب عند إتمامه بعون عالم سري ونجواي أنادي وأقول غير مبال بتشنيع جهول : هذا تأويل رؤياي وكان الشروع في الليلة السادسة عشرة من شعبان المبارك من السنة المذكورة وهي السنة الرابعة والثلاثون من سني عمري جعلها الله تعالى بسني لطفه معمورة وقد تشرف الذهن المشتت بتأليفه وأحكمت غرف مغاني المعاني بمحكم ترصيفه زمن خلافة الله الأعظم وظله المبسوط على خليقته في العالم مجدد نظام القواعد المحمدية ومحدد جهات العدالة الإسلامية سورة الحمد الذي أظهره الرحمن في صورة الملك لكسر سورة الكافرين وآية السيف الذي عوده الفاطر الفتح والنصر وأيده بمرسلات الذاريات في كل عصر فويل للمنافقين من نازعات أرواحهم إذا عبس صمصام عزمه المتين حضرة مولانا السلطان إبن السلطان سلطان الثقلين وخادم الحرمين المجدد الغازي محمود خان العدلي بن السلطان عبدالحميد خان أيده الرحمن وأبد ملكه ما دام الدوران آمين وبعد أن أبرمت حبل النية ونشرت مطوى الأمنية وعرا المخاض قريحة الأذهان وقرب ظهور طفل التفسير للعيان جعلت أفكر ما أسمه وبماذا أدعوه إذا وضعته أمه فلم يظهر لي أسم تهتشن له الضمائر وتبتش من سماعه الخواطر فرعضت الحال لدى حضرة وزير الوزراء ونور حديقة البهاء ونور حدقة الوزراء آية الله التي لا تنسخها آيةورب النهي الذي ليس له نهاية وصاحب الأخلاق التي ملك بها القلوب ومعدن الأذواق التي يكاد أن يعلم معها الغيوب مولانا علي رضا باشا لا زال له الرضا غطاء وفراشا فسماه على الفور وبديهة ذهنه تغنى عن الغور روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني فياله أسم ما أسماه نسأل الله تعالى أن يطابقه مسماه وأحمد الله تعالى حمدا غضا وأصلي وأسلم على نبيه النبيه حتى يرضى وقد آن وقت الشروع في المقصود مقدما عليه فوائد يليق أن تكتب بسواد العيون على صفحات الخدود فأقول الفائدة الأولى في معنى التفسير والتأويل وبيان الحاجة إلى هذا العلم وشرفه .
أما معناهما فالتفسير تفعيل من الفسر وهو لغة البيان والكشف والقول بأنه مقلوب السفر مما لا يسفر له وجه ويطلق التفسير على التعرية للإنطلاق يقال فسرت الفرس إذا عريته لينطلق ولعله يرجع لمعنى الكشف كما لا يخفى بل كل تصاريف حروفه لا تخلو عن ذلك كما هو ظاهر لمن أمعن النظر .
ورسموه بأنه علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك كمعرفة النسخ وسبب النزول وقصة توضح ما أبهم في القرآن ونحو ذلك .
والتأويل من الأول وهو الرجوع والقول بأنه من الأيالة وهي السياسة كأن المؤول للكلام ساس الكلام ووضع المعنى فيه موضعه ليس بشيء وأختلف في الفرق بين التفسير والتأويل فقال أبو عبيدة هما بمعنى وقال الراغب : التفسير أعم وأكثر إستعماله في الألفاظ ومفرداتها في الكتب الألهية وغيرها والتأويل في المعاني والجمل في الكتب الألهية خاصة وقال الماتريدي :