في قوله سبحانه : قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ماقد سلف وأجيببأن هذا غير وارد إذ المراد التفرقة فيما ذكر فيه صيغة ويغفر ذنوبكم لامطلق ما كان بمعناه ولذا أسند الامر إلى الاستقراء ومثل الزمخشري لايخفى عليه ماأورد ولايلزم رعاية هذه النكتة في جميع المواد وذكر البيضاوي في وجه التفرقة بين الخطابين ما حاصله لعل المعنى في ذلك أنها لما ترتبت المغفرة في خطاب الكفرة على الايمان لزم فيه من التبعيضية لأخراج المظالم لأنها غير مغفورة وأما في خطاب المؤمنين فلما ترتبت على الطاعة واجتناب المعاصي التي من جملتها المظالم لم يحتج إلى من لاخراجها لأنها خرجت بما رتبت عليه وهو مبني على خلاف ماصححه المحدثون وينافيه ماذكره في تفسير من ذنوبكم في سورة نوح عليه السلام ومع ذا أورد عليه قوله تعالى : ياقوم إني لكم نذير مبين أن أعبدواالله واتقوه وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم حيث ذكرت من مع ترتيب المغفرة على الطاعة واجتناب المعاصي الذي أفاده اتقوا وقوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة الآية لعدم ذكر من مع ترتبها على الايمان والجواب بأنه لاضير إذ يكفي ترتيب ذلك على الايمان في بعض المواد فيحمل مثله على أن القصد إلى ترتيبه عليه وحده بقرينه ذلك البعض وماذكر معه يحمل على الأمر به بعد الايمان أدنى من أن يقال فيه ليس بشيء وبالجملة توجيه الزمخشري اوجه مما ذكره البيضاوي فتأمل وتذكر .
ويؤخركم إلى أجل مسمى إلى وقت سماه الله تعالى وجعله منتهى أعماركم على تقدير الايمان ولا يعاجلكم بعذاب الاستئصال وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يمتعكم في الدنيا باللذات والطيبات إلى الموت ولايلزم مما ذكر القول بتعدد الاجل كما يزعمه المعتزلة وقد مر تحقيق ذلك قالوا استئناف كما سبق آنفا إن أنتم ما أنتم الا بشر مثلنا من غير فضل يؤهلكم لما تدعون من الرسالة والزمخشري تهالك في مذهبه حتى اعتقد أن الكفار كانوا يعتقدون تفضيل الملك تريدون صفة ثانية لبشر حملا على المعنى كقوله تعالى : أبشر يهدوننا او كلام مستأنف أي تريدون بما أنتم عليه من الدعوة والارشاد أن تصدونا بما تدعونا اليه من التوحيد وتخصيص العبادة بالله تعالى عما كان يعبد ءاباؤنا عما استمر على عبادته آباؤنا من غير شيء يوجبه وقرأ طلحة أن تصدونا بتشديد النون وخرج على جعل أن مخففة من الثقيلة وتقدير فاصل بينها وبين الفعل أي أنه قد تصدونا وقد جاء مثل ذلك في قوله : علموا أن يؤملون فجادوا قبل أن يسئلوا بأعظم سؤل والأولى أن يخرج على أن أن هي الثنائية التي تنصب المضارع لكنها لم تعمل كما قيل : في قوله تعالى : لمن أراد أن يتم الرضاعة في قراءة الرفع حملا لها على اختها ما المصدرية كما عملت ما حملا عليها فيما ذكره بعضهم في قوله : أن تقرآن على اسماء ويحكما مني السلام وان لاتشعرا أحدا فأتونا بسلطن مبين .
1 .
- أي إن لم يكن الأمر كما قلنا بل كنتم رسلا من قبله تعالى كما تدعون فأتونا بما يدل على صحة ماتدعونه من الرسالة حتى نترك مالم نزل نعبده أبا عن جد أو على فضلكم واستحقاقكم لتلك المرتبة قال ابن عطية : إنهم استبعدوا ارسال البشر فأرادوا حجة عليه وقيل : بل إنهم اعتقدوا محاليته وذهبوا