ونقل نحوه عن الحوفي وقال ابن عطية : الذي يظهر أن المعنى كما أجرينا العادة في الامم السابقة بأن نضل ونهدي بوحي لا بالآيات المقترحة كذلك أيضا فعلنا في هذه الامة وأرسلناك اليهم بوحي لا بالايات المقترحة فنضل من نشاء ونهدي من أناب وقال أبو البقاء : التقدير الامر كذلك والحسن ماقدمناه وما روى عن الحسن .
و في بمعنى إلى كما في قوله تعالى : فردوا أيديهم في أفواههم وقيل : هي على ظاهرها وفيها اشارة الى أنه من جملتهم وناشيء بينهم ولا تكون بمعنى إلى إذ لاحاجة لبيان من أرسل اليهم وفيه نظر ظاهر وهي متعلقة بالفعل المذكور وقول الزمخشري : في تفسير الآية يعني ارسلنا ارسالا له شأن وفضل على الارسالات ثم فسر كيف أرسله بقوله : إلى أمة قد خلت من قبلها أمم أي ارسلناك في أمة قد تقدمها أمم كثيرة فهي آخر الامم وأنت خاتم الانبياء لم يرد به أنها لاتتعلق بالمذكور بل أراد أن المشار اليه المبهم لما كان مابعده تفخيما كان بيانه بصلة ذلك الفعل حتى يزول الابهام ويجوز أن يريد ذلك فيقدر أرسلناك ثانيا ويكون قوله : أي أرسلناك في أمة اظهارا للمحذوف أيضا لابيانا لحاصل الآية وهو الذي آثره العلامة الطيبي والتعلق بالمذكور هو الظاهر وجملة قد خلت الخ في موضع الصفة لأمة وفائدة الوصف بذلك قيل : ماأشار اليه الزمخشري .
واعترض بأنه لايلزم من تقدم أمم كثيرة قبل أن لايكون أمة يرسل اليها بعد حتى يلزم أن يكون صلى الله عليه وسلّم خاتم الانبياء عليهم السلام وبحث فيه الشهاب بأن المراد بكون ارساله E عجيبا أن رسالته أعظم من كل رسالة فهي جامعة لكل مايحتاج اليه فيلزم أن لانسخ إذ النسخ إنما يكون للتكميل والكامل أتم كمال غير محتاج لتكميل كما قال تعالى : اليوم أكملت لكم دينكم اه ولعمري أن الاعتراض قوي والبحث في غاية الضعف اذ لايلزم من كون ارساله A عجيبا ماادعاه ولو سلمنا ذلك لايلزم منه أيضا كونه E خاتما إذ بعثه مقرر دينه الكامل كما بعث كثير من أنبياء بني إسرائيل لتقرير دين موسى عليه السلام لايأبى ماذكر من جامعية رسالته E ولزوم عدم النسخ لذلك كما لايخفى ولعله لهذا اختار بعضهم ماروى عن الحسن وقال : منبها على فائدة الوصف يعني مثل إرسال الرسل قبلك أرسلناك الى أمم تقدمتها أمم أرسلوا اليهم فليس ببدع إرسالك اليها لتتلوا لتقرأ عليهم الذي أوحينا اليك أي الكتاب العظيم الشأن : ويشعر بهذا الوصف ذكر الموصوف غير جار على موصوف واسناد الفعل في صلته إلى ضمير العظمة وكذا الايصال الى المخاطب المعظم بدليل سابقه على ماسمعت أولا وتقديم المجرور على المنصوب من قبيل الابهام ثم البيان كما في قوله تعالى : ووضعنا عنك وزرك وفيه مالايخفى من ترقب النفس إلى ما سيرد وحسن قبولها له عند وروده عليها وضمير الجمع للأمة باعتبار معناها كما روعي في ضمير خلت لفظها .
وهم يكفرون بالرحمن أي بالبليغ الرحمة الذي أحاطت بهم نعمته ووسعت كل شيء رحمته فلم يشكروا نعمه سبحانه لاسيما ما أنعم به عليهم بارسالك اليهم وانزال القرآن الذي هو مدار المنافع الدينية والدنيوية عليهم بل قابلوا رحمته ونعمه بالكفر ومقتضى العقل عكس ذلك وكان الظاهر بنا الا أنه التفت الى الظاهر وأوثر هذا الاسم الدال على المبالغة في الرحمة للاشارة الى أن الارسال ناشيء منها كما قال سبحانه : وما أرسلناك الا رحمة للعالمين وضمير الجمع للأمة أيضا والجملة في موضع الحال من فاعل أرسلنا لامن ضمير عليهم اذ الارسال ليس للتلاوة عليهم حال كفرهم ومنهم من جوز ذلك والتلاوة عليهم حال الكفر ليقفوا على