حمله على السؤال ثم أضاف علمه إلى الله تعالى دل به عظمته وأن الكنه غير مأمول الوصول لكن ما لا يدرك كله لا يترك كله وهذا هو الوجه وفيه زيادة تشويق وبعث إلى تعرف الأمر فالجملة عليه تتميم لقوله : فاسأله الخ والكيد اسم لما كدنه به وعلى الوجه الثاني تكون تذييلا كأنه قيل : احمله على التعرف يتبين له براءة ساحتي فإن الله سبحانه يعلم أن ذلك كان كيدا منهن وإذا كان كيدا يكون لا محالة بريئا والكيد هو الحدث وعلى الثالث تحتملهما والمعنى بعث الملك على الغضب له والإنتقام منهن وإلا لم يتلاءم الكلام ولا يطابق كرم يوسف عليه السلام الذي عجب منه نبينا E فقد أخرج غير واحد عن ابن عباس وابن مسعود عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره والله تعالى يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ولو كنت مكانه ما أجبتهم حتى اشترطت أن يخرجوني ولقد عجبت منه حين أتاه الرسول فقال : ارجع إلى ربك ولو كنت مكانه ولبثت في السجن ما لبثت لأسرعت الإجابة وبادرتهم الباب ولما ابتغيت العذر أن كان حليما ذا أناة ودعاؤه له صلى الله تعالى عليه وسلم قيل : إشارة إلى ترك العزيمة بالرخصة وهي تقديم حق الله تعالى بتبليغ التوحيد والرسالة على براءة نفسه وجعله العلامة الطيبي من قبيل قولك لمن تعظمه : رضي الله تعالى عنك ما جوابك عن كلامي وقيل : يمكن أن يقال : إن في براءته النفس من حق الله تعالى ما فيها فإنها إذا تحققت عندهم وقع ما تلاها موقع القبول وقد ذكر أن الإجتهاد في نفي التهم واجب وجوب اتقاء الوقوف في مواقفها فقد قال صلى الله تعالى عليه وسلم : من كان يؤمن بالله تعالى واليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم .
وأخرج مسلم من رواية أنس أن رسول الله E كان مع إحدى نسائه فمر به رجل فدعاه وقال : هذه زوجتي فقال : يا رسول الله من كنت أظن به فلم أكن أظن بك ! فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وكأنه لهذا كان الزمخشري وكان ساقط الرجل قد أثبت على القضاة أن رجله لم تقطع في جناية ولا فساد بل سقطت من ثلج أصابها في بعض الأسفار وكان يظهر مكتوب القضاة في كل بلد دخله خوفا من تهمة السوء فلعله عليه السلام خشي أن يخرج ساكتا عن أمر ذنبه غير متضحة براءة ساحته عما سجن فيه وقرف به من أن يتسلق الحاسدون إلى تقبيح أمره ويجعلوه سلما إلى حط قدره ونظر الناس إليه بعين الإحتقار فلا يعلق كلامه في قلوبهم ولا يترتب على دعوته قبولهم وفي ذلك من تعري التبليغ عن الثمرة ما فيه وما ذكره صلى الله تعالى عليه وسلم ولو كنت مكانه الخ كان تواضعا منه E لا أنه لو كان مكانه بادر وعجل وإلا فحمله صلى الله تعالى عليه وسلم وتحمله واهتمامه بما يترتب عليه قبول الخلق أو أوامر الحق سبحانه وتعالى أمر معلوم لدى الخواص والعموم وزعم ابن عطية أنه يحتمل أن يكون عليه السلام أراد بالرب العزيز كما في قوله : إنه ربي أحسن مثواي ففي ذلك استشهاد به وتقريع له وليس بشيء ومثله ما قيل : إن ضمير كيدهن ليس عائدا على النسوة المذكورات بل عائد على الجنس فافهم .
وقرأ أبو حيوة وأبو بكر عن عاصم في رواية النسوة بضم النون وقرأت فرقة اللائي بالياء وهو كاللاء