غثنا ماشيتنا وقول بعضهم أذى البراغيث إذا البراغيث وقيل : هو من الغوث أي الفرج يقال : أغاثنا الله تعالى إذا أمدنا برفع المكاره حين أظلتنا فهو رباعي واوي وفيه يعصرون .
49 .
- من العصر المعروف أي يعصرون ما من شأنه أي يعصر من العنب والقصب والزيتون والسمسم ونحوها من الفواكه لكثرتها والتعرض لذكره كما قال بعض المحققين مع جواز الإكتفاء عنه بذكر الغيث المستلزم له عادة كما اكتفى به عنه ذكر تصريفهم في الحبوب : إما لأن استلزام الغيث له ليس كاستلزامه للحبوب إذ المذكورات يتوقف صلاحها على أمور أخرى غير المطر وإما لمراعاة جانب المستفتي عنه باعتبار حالته الخاصة به بشارة له وهي التي يدور عليها حسن موقع تغليبه على الناس في قراءة حمزة والكسائي بالفوقانية .
وعن ابن عباس تفسير ذلك بيحلبون وكأنه مأخوذ من العصر المعروف لأن في الحلب عصر الضرع ليخرج الدر وتكرير فيه إما كما قيل : للإشعار باختلاف ما يقع فيه زمانا وعنوانا وإما لأن المقام مقام تعداد منافع ذلك العام ولأجله قدم في الموضعين على العامل فإن المقام بيان أنه يقع في ذلك العام هذا وذاك لا بيان أنهما يقعان في ذلك العام كما يفيده التأخير وجوز أن يكون التقديم للعصر على معنى أن غيثهم في تلك السنين كالعدم بالنسبة إلى عامهم ذلك وأن يكون ذلك في الأخير لمراعاة الفواصل وفي الأول حاله .
وقرأ جعفر بن محمد رضي الله تعالى عنهما والأعرج وعيسى البصرة يعصرون على البناء للمفعول وعن عيسى تعصرون بالفوقانية مبنيا للمفعول أيضا من عصره الله تعالى إذا أنجاه أي ينجيهم الله سبحانه مما هم فيه من الشدة وهو مناسب لقوله : يغاث الناس وعن أبي عبيدة وغيره أخذ المبني للفاعل من العصر بمعنى النجاة أيضا وفي البحر تفسير العصر والعصرة بالضم بالمنجا وأنشد قول أبي زبيد في عثمان رضي الله تعالى عنه : صاديا يستغيث غير مغاث ولقد كان عصرة المنجود وقال ابن المنير : معناه عصيرون من أعصرت السحابة عليهم أي حان وقت عصر الرياح لها لتمطر فعلى صلة الفعل كما عصرت الليمون على الطعام فحذفت وأوصل الفعل بنفسه أو تضمن أعصرت معنى مطرت فتعدى تعديته وفي الصحاح عصر القوم أي أمطروا ومنه قراءة بعضهم وفيه يعصرون وظاهر وأن اللفظ موضوع لذلك فلا يحتاج إلى التضمين عليه وحكى النقاش أنه قريء يعصرون بضم الياء وكسر الصاد وتشديدها من عصر مشددا للتكثير وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما وفيه تعصرون بكسر التاء والعين والصاد وتشديدها وأصله يعتصرون فأدغم التاء في الصاد ونقل حركتها إلى العين وأتبع حركة التاء لحركة العين واحتمل أن يكون من اعتصر العنب ونحوه أو من اعتصر بمعنى نجا ومن ذلك قوله : لو بغير الماء حلقي شرق كنت كالغصان بالماء اعتصاري ثم إن أحكام هذا العام المبارك كما أخرج ابن جرير وغيره عن قتادة علم آتاه الله تعالى علمه لم يكن فيما سئل عنه وروي مثل ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وعنيا أن ذلك بالوحي وهو الظاهر ولقد أتى عليه السلام بما يدل على فضله في آخر فتواه على عكس ما فعل أولا عند الجواب عن رؤيا صاحبيه حيث أتى بذلك في أولها ووجه ذلك ظاهر وقيل : إن هذه البشارة منه عليه السلام لم تكن عن وحي بل لأن العادة جارية بأن انتهاء الجدب الخصب أو لأن السنة الآلهية على أن يوسع على عباده سبحانه بعد ما يضيق عليهم