المستتبعة للعبادة من سلطان أي حجة تدل على صحتها وقيل : كانوا يطلقون على معبوداتهم الباطلة اسم الآلهة ويزعمون الدليل على ذلك فردوا بأنكم سميتم مالم يدل على استحقاقه هذا الاسم عقل ولا نقل ثم أخذتم تعبدون ذلك باعتبار ما تطلقونه عليه وإنما لم يذكر المسميات تربية لما يقتضيه المقام من إسقاطها عن مرتبة الوجود وإيذانا بأن تسميتهم في البطلان حيث كانت بلا مسمى كعبادتهم حيث كانت بلا معبود ويلحق بهؤلاء الذين يزعمون أنهم يعبدون الله تعالى وهم يتخيلونه سبحانه جسما عظيما جالسا فوق العرش أو نحو ذلك ينزهه العقل وانتقل عنه تعالى تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا لأن ما وضع له الاسم الجليل في نفسه الأمر ليس هو الذي تخيلوه بل هو أمر وراء ذلك وهو المستحق للعبادة وما وضعوه هم ليس بآله في نفس الأمر ولا مستحق للعبادة وهو الذي عبدوه فما عبدوا في الحقيقة إلا اسما مطابق له في الخارج لأن ما في الخارج أمر وما وضعوا الاسم له أمر آخر إن الحكم أي ما الحكم في شأن العبادة المتفرعة على تلك التسمية وفي صحتها إلا لله عن سلطانه لأنه المستحق لها بالذات إذ هو الواجب بالذات الموجد للكل والمالك لأمره أمر ألا تعبدوا أي بأن لا تعبدوا أحدا إلا إياه حسبما يقتضي به قضية العقل أيضا والجملة استئناف مبني على سؤال ناشيء من الجملة السابقة كأنه قيل : فماذا حكم الله في هذا الشأن فقيل : أمر الخ وفي موضع التعليل لمحذوف كأنه قيل : حيث لم يكن الحكم في أمر العبادة إلا له فلا تكون العبادة إلا له سبحانه أو لمن يأمر بعبادته وهو لا يأمر بذلك ولا يجعله لغيره سبحانه أمر أن لا تعبدوا إلا إياه وهو خلاف الظاهر .
وجوز أن يكون سرد هذه الجمل على هذا الطرز لسد الطرق في توجيه صحة عبادة الأصنام عليهم أحكم سد فإنهم إن قالوا : إن الله تعالى قد أنزل حجة في ذلك ردوا بقوله : ما أنزل الله بها من سلطان وإن قالوا : حكم لنا بذلك كبراؤنا ردوا بقوله : إن الحكم إلا لله وإن قالوا : حيث لم ينزل حجة في ذلك ولم يكن حكم لغيره بقي الأمر موقوفا إذ عدم إنزال حجة تدل على الصحة لا يستلزم إنزال حجة على البطلان ردوا بقوله : أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك أي تخصيصه تعالى بالعبادة الدين القيم الثابت الذي دلت عليه البراهين العقلية والنقلية ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
40 .
- أن ذلك هو الدين القيم لجهلهم تلك البراهين أو لا يعلمون شيئا أصلا فيعبدون أسماء سموها من عند أنفسهم معرضين عما يقتضيه العقل ويسوق إليه شائق النقل ومنشأ هذا الإعراض الوقوف عند المألوف والتقيد بالحسيات وهو مركوز في أكثر الطباع ومن ذلك جاء التشبيه والتجسيم ونسبة الحوادث الكونية إلى الشمس والقمر وسائر الكواكب ونحو ذلك ثم إنه عليه السلام بعد تحقيق الحق وبيانه لهما مقدار علمه الواسع شرع في إنبائهما عما استنبآه عنه ولكونه بحثا مغايرا لما سبق فصله عنه بتكرير الخطاب فقال : يا صاحبي السجن أمآ أحدكما أراد به الشرابي وإنما لم يعنيه عليه السلام ثقة بدلالة التعبير مع ما فيه من رعاية حسن الصحبة فيسقي ربه أي سيده خمرا روي أنه عليه السلام قال له : ما رأيت من الكرمة وحسنها هو الملك وحسن حالك عنده وأما القضبان الثلاثة فإنها ثلاثة أيام تمضي في السجن ثم تخرج وتعود إلة ما كنت عليه وقريء فيسقى بضم الياء والبناء للفاعل من أسقى قال صاحب اللوامح : يقال : سقي وأسقي بمعنى وقريء في السبعة نسقيكم و نسقيكم بالفتح والضم والمعروف