يقال : فاستغفري لذنبك الذي صدر عنك وثبت عليك إنك كنت بسبب ذلك من الخاطئين .
29 .
- أي من جملة القوم المتعمدين للذنب أو من جنسهم بقال : خطيء يخطيء خطأ وخطأ إذا أذنب متعمدا وأخطأ إذا أذنب من غير تعمد وذكر الراغب أن الخطأ العدول عن الجهة وهو أضرب : الأول أن يريد غير ما تحسن إرادته فيفعله وهذا هو الخطأ التام المأخوذ به الإنسان والثاني أن يريد ما يحسن فعله ولكن يقع منه خلاف ما يريد وهذا قد أصاب في الإرادة وأخطأ في الفعل ومن ذلك قوله صلى الله تعالى عليه وسلم : من إجتهد فأخطأ فله أجر والثالث أن يريد ما لا يحسن فعله ويتفق منه خلافه فهذا مخطيء في الإرادة مصيب في الفعل ولا يخفى أن المعنى الذي ذكرناه راجع إلى الضرب الأول من هذه الضروب والجملة المؤكيدة في موضع التعليل للأمر والتذكير لتغليب الذكور على الإناث واحتمال أن يقال : المراد إنك من نسل الخاطئين فمنهم سرى ذلك العرق الخبيث فيك بعيد جدا وهذا النداء قيل : من الشاهد الحكيم وروي ذلك عن ابن عباس وحمل الإستغفار على طلب المغفرة والصفح من الزوج ويحتمل أن يكون المراد به طلب المغفرة من الله تعالى ويقال : إن أولئك القوم وإن كانوا يعبدون الأوثان إلا أنهم مع ذلك يثبتون الصانع ويعتقدون أن للقبائح عاقبة سوء من لديه سبحانه إذا لم يغفرها واستدل على أنهم يثبتون الصانع أيضا بأن يوسف عليه السلام قال لهم : أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار والظاهر أن قائل ذلك هو العزيز ولعله كما قيل : كان رجلا حليما وروي ذلك عن الحسن ولذا إكتفى بهذا القدر من مؤاخذتها وروي أنه كان قليل الغيرة وهو لطف من الله تعالى بيوسف عليه السلام وفي البحر أن تربة إقليم قطفير إقتضت ذلك وأين هذا مما جرى لبعض ملوك المغرب أنه كان مع ندمائه المختصين به في مجلس أنس وجارية تغنيهم من وراء ستر فاستعاذ بعض خلصائه بيتين من الجارية كانت قد غنت بهما فما لبث أن جيء برأس الجارية مقطوعا في طست وقال له الملك : إستعد البيتين من هذا الرأس فسقط في يد المستعيد ومرض مدة حياة الملك وقال نسوة المشهور وإليه ذهب أبو حيان أنه جمع تكسير للقلة كصبية وغلمة وليس له واحد من لفظه بل من معناه وهو إمرأة .
وزعم ابن السراج أنه إسم جمع وعلى كل فتأنيثه غير حقيقي ولا إلتفات إلى كون ذلك المفرد مؤنثا حقيقيا لأنه مع طرو ما عارض ذلك ليس كسائر المفردات ولذا لم يؤنث فعله وفي نونه لغتان : الكسر وهي المشهورة والضم وبه قرأ المفضل والأعمش والسلمي كما قال القرطبي فلا عبرة بمن أنكر ذلك وهو إذ ذاك إسم جمع بلا خلاف ويكسر للكثرة على نساء ونسوان وكن فيما روي عن مقاتل خمسا : إمرأة الخباز وامرأة الساقي وامرأة البواب وامرأة السجان وامرأة صاحب الدواب .
وروى الكلبي أنهن كن أربعا بإسقاط إمرأة البواب في المدينة أريد بها مصر والجار والمجرور في موضع الصفة لنسوة على ما استظهره بعضهم ووصفن بذلك لأن إغاظة كلامهن بهذا الإعتبار لإتصافهن بما يقوي جانب الصدق أكثر فإن كلام البدويات لبعدهن عن مظان الإجتماع والإطلاع على حقيقة أحوال الحضريات القصريات لا يلتفت إلى كلامهن فلا يغيظ تلك الإغاظة والكثير على إختيار تعلقه بقال ومعنى كون قولهن في المدينة إشاعته وإفشاؤه فيها وتعقب بأن ذلك خلاف الظاهر امرأت العزيز هو في الأصل الذي يقهر ولا يقهر كأنه مأخوذ من عز أي حصل في عزاز وهي الأرض الصلبة التي يصعب وطؤها